افطار جماعي لأتباع الديانات السماوية الثلاث في ليلة القدر بالكنيسة الكبرى لمراكش

مـحـمـد الـقـنـور : 

 

بشراكة مع سلطات ولاية جهة مراكش آسفي، نظم المجتمع المدني بمدينة مراكش، موائد إفطار جماعي، بمناسبة ليلة القدر المباركة، تحت عنوان “مراكش التنوع الثقافي، تواصل بين مكونات الفئات الشعبية” وذلك، بباحة حديقة كنيسة القديسين الشهداء، بالحي الشتوي في مراكش، حضره العديد من المنتخبين والمنتخبات بالمجلس الجماعي ومجالس المقاطعات ومجموعة من الفعاليات الجمعوية، والأوساط الأكاديمية،والفقهاء،والدوائر المختصة في قضايا التنوع الثقافي المغربي، والرهبان والراهبات الفرنسيسكان الكاثوليك المُتَبتــِّـلين بالكنيسة المذكورة، وأفراد الطائفة اليهودية بجهة مراكش آسفي،وبعض نساء ورجال الأعمال، والفنانين التشكيليين والتعبيريين والمثقفين ، والطلبة، وممثلي المنابر الإعلامية الوطنية والجهوية.

وشكل الإفطار الجماعي المعني، تأكيدا تلقائيا لما تزخر به مدينة مراكش، وعموم أقاليم وجماعات جهة مراكش آسفي، من تنوع ثقافي ظل يطبع القوة المحركة للتنمية بالمغرب،والتعايش والمؤاخاة بين مختلف الفئات الإجتماعية بالمدينة الحمراء خصوصا، وبعموم الوطن،وأداة تاريخية تصب في الرفع من تأهيل مستوى النمو الاقتصادي المحلي والجهوي والوطني، وكوسيلة لعيش الحياة الفكرية والعاطفية والمعنوية والروحية الأكثر اكتمالاً،وتعبيرا قويا من صميم الحضارة المغربية، عبر مختلف العصور والأزمنة، حتى قبل إنبثاق الصكوك الدولية الأممية التي تنظم مجالات التعايش وضمان حقوق الأقليات الدينية،كركيزة صلبة لتعزيز التنوّع الثقافي، والإختلافات الدينية المؤسسة على الإحترام والتضامن والإنصهار في بوثقة مؤسسة إمارة المؤمنين .


وأبرزت مداخلة الأب تيديه قيم الكنيسة المعنية، على أهمية استخلاص دروس التعايش والتمازج من الحضارة المغربية، مشيدا بالزيارة التاريخية لقداسة البابا فرنسيس، وإستقباله بالحفاوة من طرف أمير المؤمنين صاحب الجلالة، محمد السادس، مما أعطى للزيارة زخم حضاري للمغرب في ظل العولمة وأبرز ما يتمتع به المغرب والمغاربة من قيم الديمقراطية وحقوق الإنسان، والإنفتاح على الأديان ومن الاستعداد للنقاش الفكري العالمي الدائر حول أنجع الطرق لتحقيق التسامح والتعايش وحفظ الكرامة الإنسانية.

في حين، أوضح جاكي كادوش، رئيس الطائفة اليهودية بكل من مراكش والصويرة، أن مبادرة الإفطار الجماعي بين ممثلي وأتباع الديانات السماوية الثلاث يدخل في صميم الثقافة المغربية التي تعتبر مشاركة الطعام مع الآخر، مثالا ناصعا للتآخي ولإحترام الحق في الإختلاف،والإلتزام بمبادئ ومواصفات الإنفتاح في العمل المشترك كخصوصية للمجتمع المغربي بجميع مكوناته،والحرص على كون الروافد الحضارية المشكلة للشخصية المغربية، والمنصوص عليها في دستور المملكة، تمثل مسألة جوهرية وبعدا أساسيا يطبع الحياة اليومية للإنسان المغربي ويؤسس لهويته الوطنية ولأبعاده التاريخية والحضارية،وتراثه المادي واللامادي، ويكرس موقعه المتميز في العالم المعاصر الذي باتت تطبعه في الوقت الراهن التطورات السريعة، والسعي من أجل تحقيق رهانات الإندماج والتفاعل الإيجابي مع معطيات العصر والمعرفة والفكر والعلم والتكنولوجيا والإبداع بمختلف أشكاله، وتجاوز الوثوقيات والأحكام القاطعة والجاهزة والمنطلقات النمطية والإقتناع الفعلي بثراء الحق في الإختلاف ومواكبة الزمن الثقافي عالميا انطلاقا من التربة المغربية.

إلى ذلكــ ، أكدت مداخلات على ما تتميز به المملكة المغربية من تشبع بروح العصر وقيمه الإنسانية، ومن تكريس للمؤسسات الديمقراطية والحداثة، واستلهامها، مما بات يغني الهوية الوطنية، ويشكل دعما لمناعتها ضد التطرف والإنحراف والإنطوائية والإقصاء، ويضمن إستمرار المملكة في نحث موقعها العالمي في عصر الطائفية بكل تحدياتها ومخاطرها، وآفات التقوقع النمطي .

وإختتمت فعاليات الإفطار الجماعي،بتلاوة البرقية المرفوعة لصاحب الجلالة،أمير المؤمنين، محمد السادس،  والإبتهال إلى الله عز وجل بحفظ جلالته، وولي عهده سمو الأمير مولاي الحسن، والمباركة في عمره، دخرا للبلاد والعباد .

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.