حكمة جلالة الملكـ تتدخل لتصحيح بوصلة الملف الإجتماعي

مـحـمـد الـقـنــور : 

في خطوة تعكس توجه المملكة نحو تعزيز الدولة الاجتماعية، أعلن القصر الملكي المغربي عن رفع الإنفاق الاجتماعي بشكل غير مسبوق في تاريخ المغرب المعاصر، وذلك من خلال توجيهات ملكية مباشرة ضمن مشروع قانون المالية لسنة 2026.

هذا، وأبرز ما جاء في التوجيه الملكي السامي تخصيص 140 مليار درهم (حوالي 15 مليار دولار) لقطاعي الصحة والتعليم، بزيادة قدرها 16% مقارنة بالعام السابق، مع إحداث أكثر من 27 ألف منصب مالي جديد لفائدة القطاعين، بهدف تحسين جودة الخدمات وتعزيز الموارد البشرية.

كما ركز التوجيه الملكي السامي على تأهيل الرأسمال البشري وتوسيع نطاق الحماية الاجتماعية، بما في ذلك برامج الدعم المباشر للأسر المحتاجة.

وجاءت هذه الخطوة الملكية السامية تحليلا وتمحيصا لمطالب اجتماعية متزايدة، خاصة من فئة الشباب، ممن طالبوا بتحسين الخدمات الأساسية في التعليم والصحة ومحاربة الفساد.

هذا وتضمن الإعلان الملكي السامي، الترجمة الفعلية والمستمرة للرؤية الملكية في ترسيخ أسس الدولة الاجتماعية، مما يؤكد على أن القصر الملكي يلعب دورًا محوريًا في مراقبة وتتبع السياسات العمومية ذات الطابع الاجتماعي، خاصة في ظل التحديات الاقتصادية والاحتجاجات الشعبية الأخيرة.

ومعلوم، أن دلالة صدور هذا القرار الملكي السامي برفع الإنفاق الاجتماعي، يشير مباشرة إلى أن القرار استراتيجي ومركزي، وليس مجرد مبادرة حكومية مؤقتة، وأن جلالة الملك شخصيًا ببصيرته وحكمته المعهودة تبنى الورش الاجتماعي، ولم يتركـ الأمر في يد الحكومة، كما إعتبرت جهات مراقبة أن القرار الملكي السامي، يعتبر رسالة طمأنة للشعب من إمارة المؤمنين، كمؤسسة دستورية وعقدية طبعت هوية المغاربة عبر القرون، وشكلت بثقلها الديني العقدي والمالي والتدبيري لشؤون الحكم على مر الأزمان الحكم الفاصل بين الشعب والحكومة، خصوصا خلال فترات غياب التواصل وضعف الأداء الاجتماعي من طرف الحكومات.

منذ توليه على عرش أسلافه الميامين، كان وضع ركائز الدولة الاجتماعية من أولى أولويات صاحب الجلالة الملك محمد السادس
منذ توليه على عرش أسلافه الميامين، كان وضع ركائز الدولة الاجتماعية من أولى أولويات صاحب الجلالة الملك محمد السادس

كما جاء التدخل الملكي السامي، قصد التأكيد على أن الإصلاح الاجتماعي ليس رهينا بالوجوه السياسية المتحولة، بل قرار دولة ثابت ومستمر، كما يؤكد على أهمية المؤسسة الملكية الضامنة الفعلية للاستقرار الاجتماعي، خصوصاً في الأوقات التي تفتقد خلالها الحكومة للثقة الشعبية.

كما أن توقيت صدور البلاغ، يؤكد على الحكمة، والعطف الملكي، والتفاعل التاريخي بين العرش والشعب، حيث من الواضح، أن القرار الملكي السامي إعتمد على معطيات دقيقة، ودراسة متأنية من الإمامة العظمى بعد  موجة الإحتجاجات الشعبية بسبب الغلاء، والتذمر العام من الخدمات الصحية والحياة التعليمية، حيث رفع جلالته السقف فوق هذه المطالب ليفتتح أوراش الإصلاح الاجتماعي الكبير، في إشارة ملكية واضحة للمغاربة في كون أن الإصلاح الجدي لا يتأخر ولا يتعطل، ولا يخضع للمزايدات الفئوية، أو للمفارقات السياسية، أو النَّزَعَات الحزبية.

والحق، أن هذه الخطوة الملكية المباركة، تعيد زمام المبادرة للمؤسسة الملكية كصمام آمان وأمن للمغرب وللمغاربة، وتفك الارتباط المغلوط بين قوة الدولة ومرحلية الحكومات.

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.