أصل المقولة الشعبية المغربية : الرحامنـــة عشـــرة فـــ أعْقِيـــل

مـحـمـد الــقـنــور  : 

جرت على ألسنة العامة والخاصة من المغاربة،في اطار المزاح مقولة : “نتوما الرحامنة عشرة فــ أعقيل ” ويظن العديد، ممن تطرق سمعهم هذه المقولة، أنها تنقيصا لقبيلة الرحامنة، هذه القبيلة التي تعتبر من أشهر القبائل المغربية تاريخيا وثقافيا،لما أنجبته من كبار الأعلام، في الفقه والقضاء والآداب والعلوم، فيظن السامع أن كل عشرة جماجم رحمانية تساوي عقل واحد سليم، في حين أن العُقيل يقصد به العِقَال، وهو القيد الذي يستعمل للإعتقال .

لماذا سمي الرحامنة بمساخيط السلطان ؟ وكيف ساهم القايد العيادي في رد الإعتبار لهم ؟

يجمع مختلف المؤرخين المختصين في تاريخ المغرب الحديث، أن” للرحامنة ثورتان، الأولى في عصر السلطان مولاي عبد الرحمن، والثانية في عصر السلطان المولى عبد العزيز وكانت هي الأعنف، وقد استطاع الرحامنة أن يسيطروا على حوز مراكش بكامله، وحاصروا مدينة مراكش لشهور طويلة وكان عليها آنذاك الباشا ويدة، وقد ضاق الناس في هذا الحصار حتى أُكلت الجيف، فقام المولى عبد العزيز بتجهيز جيش لمواجهة الرحامنة قادما من فاس، إلا أن الجيش العزيزي انهزم أمام جحافل الرحامنة بقيادة الطاهر بن سليمان الرحماني، وفرت المحلة السلطانية حتى إن بعض الكتابات التاريخية تقول بأن الرحامنة استطاعوا الحصول على نعل أو “بلغة السلطان” وتباهوا بذلك مدة، ومن ثم نعتتهم القبائل المخزنية بمساخيط مولاي عبد العزيز.

هذا، وقد استطاع المولى عبد العزيز تجهيز جيشه من جديد بتأطير القائد ماكلين، وهزمت جحافل الرحامنة قرب منطقة ابن ساسي المحادية لمراكش، وفر قائد الثورة الطاهر بن سليمان إلى ضريح سيدي علي بن ابراهيم بمدينة تادلة، قبل أن يتم القبض عليه هناك، واقتياده في قفص خشبي إلى سجن جزيرة الصويرة، ومعه المئات من أفراد قبائل وعشائر الرحامنة، حتى جعل العشرة منهم في عقال واحد، ومن هنا جاءت تسمية الرحامنة عشرة في عقيل، نسبة للعقال وليس إلى العقل”.

 

كيف ساهم العيادي في عودة المسجونين ورد الاعتبار لهم ؟

” قدم القايد العيادي للسلطان المولى عبد الحفيظ دعما سياسيا وعسكريا غير محدود، مقابل تعهده بإطلاق سراح أبناء قبيلته القابعين في سجون السلطان المولى عبد العزيز، ومواجهة الاحتلال الأجنبي، وعلى هذا الأساس قام بالدعاية له في مختلف القبائل مقدما إياه على أنه السلطان الأوحد الذي سيواجه التدخل الفرنسي، قبل أن يقود شخصيا، بتاريخ 20 غشت من سنة 1908، «الحرْكة» التي هاجمت المحلة العزيزية المتوجهة نحو مراكش، على ضفة وادي تساوت، وألحقت هزيمة قاسية بها، سرعت باندحار السلطام المولى عبد العزيز وتراجعه،طالبا الأمان عند القائد المعطي بسطات.


ومباشرة بعد مبايعة المولى عبد الحفيظ سلطانا جديدا للمغرب، كافأ حليفه القوي وعراب الانتصار النهائي الذي أطاح بعرش أخيه، معينا إياه قائدا على الرحامنة إلى جانب قياد آخرين، أمثال القائد عبد السلام البربوشي، والقايد امبارك بن التهامي، والقايد الطاهر بن الأعظم، والقايد ابن الزادي.
كما لم ينس السلطان المولى عبد الحفيظ الوعد الذي قطعه على نفسه بالجهاد ضد «النصارى»، ولذلك أرسل، في سنوات حكمه الأولى، محلة إلى الشاوية لصد الفرنسيين، شارك فيها القائد العيادي على رأس محاربين من الرحامنة ”

ثم من هنا اكتسب القايد العيادي هيبته و خلده الثراث الشفوي في الكثير من الحكايات و كذلك فن العيطة الذي تفنن فيه النظام في وصفه و مديحه…

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.