في كل صباح باكر، يسابق سكان مجموعة من الدواوير بجماعات الطلوح، وعكرمة، والمحرة وحد رأس العين على تراب إقليم الرحامنة، حرارة شمس الصيف اللاهبة، من أجل التزود بالماء من الخزانات المائية المتناقصة، ومن بعض الآبار المترامية هنا وهناكـ ، مشهد يتكرر في إقليمي اليوسفية والصويرة،وبشيشاوة في جماعات هديل والمزوضية والنفيفة، وفي إقليم قلعة السراغنة التي بدأت آبارها تنضب بسبب حدة الجفاف،على غرار مختلف الأقاليم المحيطة بمركز الجهة مدينة مراكش .
هذا، وعلى الرغم من كون الحكومة كانت قد منعت سقي المساحات الخضراء وملاعب الغولف بمياه الشرب، ومنعت الاستغلال الغير القانوني للآبار، فإن الإنفلاتات في هذا الصدد، لاتزال تطفو على السطح بين الفينة والأخرى،تحت وطأة شح الأمطار التي باتت تؤثر خصوصا على المناطق الجافة في جهة مراكش آسفي على الخصوص،وبدت ككارثة تكشفها ضآلة المياه في سد أيت عادل وسد ودها، وجفاف مجموعة من الروافد النهرية .
وكان جيسكو هنتشل المدير الإقليمي لدائرة المغرب الكبير ومالطا في مجموعة البنك الدولي قد أصدر تنبيها إلى ضعف الاقتصاد المغربي في مواجهة عدم الانتظام المتزايد في معدلات تساقط الأمطار وتوالي سنين الجفاف”،خصوصا بعدما رصدت المؤسسة البنكية المذكورة، توالي مواسم الجفاف بالمغرب على مدى ثلاث سنوات خلال الأعوام الأربعة الماضية.
في حين،عمدت (الفاو)منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة ،ومنذ عام 2005 إلى جرد وتقسيم هذه السدود ،إلى 104 سدا كبيرا بسعة إجمالية تصل إلى 16,904 مليار متر مكعب من الماء الصالح للزراعة والشرب والتصنيع وتوليد الكهرباء، و 17 سدا صغيرا ومتوسط الحجم ، و 67 سدا على البحيرات الصغيرة وروافد الأنهار، بسعة إجمالية قدرها ب 9.9 مليون متر، وإن كان مخزون السدود بجهة مراكش آسفي لا يتعدى27 % من طاقتها، مما يثير القلق،حيث أن الجفاف الحالي الذي يتهدد الجهة يعدّ الأسوأ منذ قرابة أربعين عاما، مما يدعو إلى ضرورة الحيلولة دون الإستمرار في مشاريع وسلوكيات “الإجهاد المائي البنيوي”، من خلال إعادة قراءة عمليات تحديد توزيع المياه، وتدبير سقي المساحات الخضراء وملاعب الغولف، وتكثيف المراقبة على الاستغلال غير القانوني للآبار والمنابع داخل العديد من الضيعات والمنتزهات والإقامات، وإعادة الرؤية في البدائل الموضوعية حول المزروعات المُستهلِكة للمياه.