يعتبر تتويج ملك بريطانيا حفلا فخما وفريدا من نوعه في أوروبا، تعود بعض طقوسه وقواعده إلى قرون عدة، لدرجة أن حفل تتويج الملكة الراحلة إليزابيث الثانية في 1953 تطلب أكثر من عام من التحضير.
هذا، ولا يتم تتويج الملك في بريطانيا فور وفاة سلفه، احتراماً لفترة الحداد، ومن أجل إتاحة الوقت لتنظيم الحفل، فإليزابيث الثانية التي أصبحت ملكة في السادس من فبراير 1952، يوم وفاة والدها، توّجت بعد 15 شهراً، في الثاني من يونيو 1953، بحضور أكثر من 8000 شخص في كنيسة ويستمنستر.
وللإشارة، فإن حفل التتويج يتم في كنيسة ويستمنستر ويترأسه كبير أساقفة كانتربري كشخصية دينية أولى في الكنيسة الأنغليكانية والثاني على مستوى رئاستها بعد العاهل البريطاني.
كما يقدم رئيس أساقفة كانتربري أولاً الملك الجديد للجمهور الذي يهتف له. وبعد ذلك، يؤدي الملك يمين التتويج (قانون قسم التتويج) الذي تمت صياغته في 1688. وبموجب هذا القسم يتعهد رسمياً بأن يحكم شعبه وفقاً للقوانين التي يقرها البرلمان، وبأن يفرض القانون والعدالة برأفة، ويفعل كل ما هو ممكن من أجل الحفاظ على الكنيسة الأنغليكانية والبروتستانتية، ثم يمسح أساقفة كانتربري بـ«الزيت المقدس» ويبارك الملك الجالس على كرسي الملك إدوارد، العرش الذي صنع عام 1300 ويستخدم في كل تتويج منذ 1626.
ويتسلم الملك أخيراً الإشارات الملكية، وخصوصاً الصولجان ثم التاج، الذي يضعه كبير أساقفة كانتربري على رأسه،بينما يقوم أعضاء العائلة الملكية بتكريمه، ثم يُحتفل بمراسم المناولة.
وتعد بريطانيا أو المملكة المتحدة هي النظام الملكي الوحيد في أوروبا الذي مازال يستخدم الإشارات البروتوكولية من الأزياء والسمات الملكية مثل الصولجان أو بعض السيوف خلال احتفالات التتويج.
ويعــتبر تاج سانت إدوارد المصنوع من الذهب والفضة والياقوت والزفير خصوصاً،والذي صنع في 1661 لتتويج تشارلز الثاني، هو التاج المستخدم تقليدياً خلال حفل التتويج، إذ يزن أكثر من كيلوغرامين، في حين يستخدم التاج الإمبراطوري، الذي يضعه الملك خلال الجلسة الافتتاحية السنوية للبرلمان،والمرصع بـ2868 ألماسة،في نهاية الحفل، وخلال الموكب الملكي، حيث صنع هذا التاج في 1937 لتتويج الملك جورج السادس..
وفي عام 1953 حضر 8251 ضيفاً يمثلون 181 دولة ومنطقة، مراسيم حفل تتويج الملكة الراحلة قبل أيام إليزابيث الثانية. وبين هؤلاء، عدد كبير من ممثلي دول أجنبية، ممن قدموا من بلدانهم لحضور الحفل،لكن لم يكن بينهم أي ملك أوروبي، احتراماً لتقاليد ملكية.
وتجدر الإشارة، أن حفل تتويج العاهل البريطاني، يعبر موكب كبير شوارع لندن. ومع أن المسافة بين كنيسة ويستمنستر وقصر باكنغهام أقل من كيلومتر ونصف الكيلومتر، فإن الموكب يمتد على مسافة 7.2 كيلومترات في 1953، ليتاح لأكبر عدد من المواطنين البريطانيين والزوار والسياح حضوره.