الفنانة التشكيلية هيام رحماني،عالم من الجمال والحقيقة، وخفقة قلب أسبوع الموضة بمراكش

 مـحـمـد الـقـنــور :

عرفت النسخة الثانية لأسبوع الموضة بمراكش “مراكش فاشن ويكــ” MARRAKECH FASHION WEEK ، تثمين جهود وإبداعات الفنانة التشكيلية المغربية هيام رحماني، الحاصلة على الرتبة الثالثة عالميا في مسابقة جائزة سمو الشيخ ناصر بن حمد بالبحرين لسنة 2018، والمشتغلة من خلال تجربتها التشكيلية على الألياف الحريرية والخيوط كأساس مكون للأزياء المغربية الراقية وتصاميم الموضة العالمية.

وتعتمد الفنانة التشكيلية هيام رحماني ، في إبداعاتها الفنية أسلوبا دقيقا من أجل ترجمة مكنوناتها الثقافية ومعارفها الفكرية وخبرتها التواصلية، حيث تتحول اللوحات التشكيلية القائمة على اختياراتها إلى فضاءات متعددة القراءات من خلال الرسم بالخيوط والمسامير، وإعداد اللوحة من أولها إلى آخرها، على مستوى الشكل والمواد الأساسية المكونة لها، عبر تكييف الصباغات واستخدام الخيوط وأقلمة المسامير بدلا عن الاقلام والاوراق حيث تقوم الفنانة التشكيلية هيام رحماني بتهيئة المسامير على قطعة خشب من اختيارها حسب حجم موضوع اللوحة ثم مشابكة الخيوط بالمسامير لإنتاج اللوحة المطلوبة مستحضرة في كل ذلك أفكار اللوحة، ومتطلبات الهندسة، وموضوعها كدوال رياضية باراميترية، وقيمها وشكلها التعبيري.

هذا، وتجتاز عملية إنجاز كل لوحة من اللوحات في التجربة التشكيلية للفنانة المغربية هيام رحماني عددا من المراحل، تتطلب مجهودات متنوعة، تبتدأ تهيئة قالب الشّكل المُراد رسمه، والذي قد يكون لوحة من الخطوط والدوائر والأشكال الهندسية، والتي يتم تحديدها بالمسامير على جنبات الشكل المطلوب باستعمال المطرقة، قبل أن تُجري عملية الوصل بين المسامير باستخدام الأسلاك المعنية النفيسة أو الخيُوط الحريرية ذات الألوان المتفاوتة في علاقاتها بالأضواء والظلال والملوّنة على مستوى القيم، أو طبيعة الالياف المعدنية التي تتماهى فيما بينها داخل فضاء اللوحة.

الفنانة التشكيلية هيام رحماني،مع زوجها ورفيق دربها الفنان المصور الفوتوغرافي المهني، الأستاذ كريم رمزي
            الفنانة التشكيلية هيام رحماني،مع زوجها ورفيق دربها الفنان المصور الفوتوغرافي المهني، الأستاذ كريم رمزي

ولا تخفي الفنانة رحماني الحاصلة على باكالوريا تقنية الكهرباء، وعلى دبلوم تقني رفيع المستوى في البناء، وإجازة مهنية في مجال تطهير النفايات في الوسط الصناعي والحضري، وماستر في علم الأعصاب في تصريحها لــ “هاسبريس” صعوبة تشكيل أي لوحة من لوحاتها ، وما تتطلبه من الدقّة التي يتطلبها الدقّ على المسامير والأسلاك الملوّنة واحدا تلو الآخر لإنتاج اللوحة بشكل متناغم، ثم يتم لفّها من الأسفل والأعلى، قبل أن تمر للمرحلة الثالثة التي تتطلب تقنية خاصة لتشبيك الخيوط أو الألياف وإعداد مجال موضوع اللوحة حيث يُعدّ اختيار المسامير المناسبة أحد العوامل الحاسمة التي تمنح لعملها الفني المظهر المطلوب، والروح المأمولة، بعد اكتمال جميع مراحل لوحتها الفنية، المختزلة لصنوف العيش ومتاهات الحياة .

كما تكشف الفنانة رحماني، التي تستعد لمناقشة رسالتها من أجل نيل دكتوراه في علوم التربية، أن الوجود بأكمله بمكوناته ومظاهره وظرفياته ليس سوى مجسمات هندسية وتراكيب رياضية، وأن إبداع اللوحة التي تتطلب وقتا وصبرا ومعرفة بالأدوات التي يجب استخدامها، لضمان عدم انهيار اللوحة يقتضي استحضار قوة الهندسة الوجودية، مؤكدة أن الوجود برمته يتأسس على الأشكال الهندسية والحسابات الدقيقة والمعايير الموزونة، حيث تصبح اللوحة الفنية التشكيلية تجليا مصغراً لهذا الوجود، وحيث ترمز الخيوط إلى علاقات الموجودات فيما بينها، معلنة خيوط البدايات، ونتائج النهايات، ومستلهمة في كل ذلكــ دلالات الحكايات وقوة الأساطير، ورمزية وتترجم مختلف الأشكال الهندسية المستوحاة من الواقع ومن الحياة، ومن الثقافة المغربية بكل روافدها الحضارية، ومن مدى ملاءمتها لعناصر التشكيل المعاصر ومقومات الحداثة وأساسيات هندسة تجليات الحياة المنطلقة مجازا ورمزا من خيط العاشقة أريان ابنة مينوس ملك كريت، التي ناولت حبيبها البطل “تيزي” كبة خيوط ليتذكر طريقه بعد قتل “المونيتور “ذاكــ الوحش الأسطوري، ولكي يستعين بالكبة ، حتى لا يضل طريق العودة، بعد أن يكون قد تخلص من الوحش، وهي نفس الأسطورة التي لاتزال تدعو في واقعنا المعاش إلى ضرورة تشبتنا بهويتنا والتمكن من العودة إلى أصولنا مهما طال طريق البحث وتعمقت صِعابُ المتاهة …


في سياق مماثل، وخلال تصريح لها بمناسبة معرض الفنانة التشكيلية هيام رحماني، أبرزت ماري بوكارت Marie BOGAERT مديرة أسبوع الموضة بمراكش، ورئيسة جمعية” مراكش فاشن ويك” MARRAKECH FASHION WEEK، أن النسخة الثانية من أسبوع الموضة بمراكش، يحتفي بعوالم الموضة والإبداع في المغرب، وبالمحيط الخارجي للموضة.
مشيرة أن الإحتفاء بتجربة الفنانة التشكيلية هيام رحماني، يصب في عمق عوالم الموضة والأزياء، حيث تمكنت رحماني من تحويل الخيوط والألياف الحريرية المكونة لأساسيات كل الأزياء إلى كائنات تشكيلية تترنم بعوالم الجمال ودوافع الإبداع وتجليات المهارة.

وأبرزت بوكارت BOGAERT،أن النسخة الثانية لأسبوع الموضة بمراكش، رسمت معالمها وطريقها من أجل خدمة الثقافة الجمالية وفنون العيش في مراكش وعلى المستوى الوطني، وإبراز كل ماله علاقة بفنون الموضة والأزياء، وبعمق التقاليد المغربية وفرادة التصاميم المستلهمة من صناعة الأزياء بالمغرب، كواجهة عالمية واعدة من شأنها أن تخوض غمار منافسات الموضة ومقاييس ومظاهر الجمال والأناقة، من خلال إتاحة فرصة للمصممات المغربيات الشابات من أجل إبراز مواهبهن وتصاميمهن لجمهور فعاليات الأسبوع المذكور، وتمكينهن من خوض غمار المنافسة على تتويج النسخة الثانية، من ”مراكش فاشن ويك” MARRAKECH FASHION WEEK، والاحتفاء بالصناعة الثقافية والسياحية المغربية كرافعة حقيقية للتنمية الثقافية وأحد أهم الوسائل الاقتصادية السياحية، وامتداد ناجع لصناعة وثقافة الأزياء بالمغرب.

هذا، وعرف هذا الحدث الثقافي الجمالي، الذي نظم بمراكش على مدى أربعة أيام، بشراكة مع مجموعة من المؤسسات السياحية والثقافية، زخما إعلاميا ومتابعة من المختصين والمختصات في عوالم الموضة والجمال والأناقة، ومشاركة مجموعة من المصممات المغربيات للأزياء الراقية.

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.