فاطنة شواف،سيدة الدلالات التشكيلية،والإتقان البارع والكفاءة الإبداعية الماهرة

مـحـمـد الـقـنـور :

تختزل أعمال الفنانة التشكيلية المغربية الرائدة فاطنة شواف، مختلف دلالات العمل التشكيلي النسائي الإنساني،ومجمل معاني الرسالة النبيلة المتمثلة في ترجمة تفاصيل الحياة اليومية للمرأة المغربية، بأزيائها وحليها، بتنوعاتها العاطفية الوجدانية، وبقسمات تعابيرها وأحاسيسها، وإنبجاساتها، ورؤاها العميقة إتجاه الذات والآخر والحياة عموما، حيث تجسد شواف، بديناميتها الفنية وعزيمتها الثقافية ومواظبتها على التحصيل الإبداعي بكل خلفياته المعرفية النابضة بالتنوع والمفعمة بالطموح من أجل الارتقاء الفني بالمشهد التشكيلي النسائي المغربي، مما يترجم عمق التجربة التشكيلية المعرفية لهذه الفنانة التشكيلية المغربية،ويكشف عن مدى اعتزازها بهويتها المغربية التي أفصحت عنها مرارا من خلال مشاركتها في عدة معارض محلية وجهوية ووطنية ودولية تُبرِزُ دور التشكيل في التنمية وفي الازدهار وفي الرقي بالفن والإبداع.

والحق، فقد كان يغمر المتلقين والمتلقيات من زوار معرض تشكيليات الحمراء، الذي نظمته الفنانة التشكيلية الأستاذة فوزية حدوكة، مديرة المعهد الموسيقي عرصة الحامض في مراكش،ومؤسسة هذه التظاهرة الفنية المذكورة كمبادرة ثقافية تواصلية بذات المدينة وإحساس كبير بالفرحة والسرور والاعتزاز بالهوية المغربية، بكل أبعادها الحضارية وروافدها الثقافية وهم وهن أمام لوحات الفنانة التشكيلية المتميزة فاطنة شواف، كفنانة طبعت المسارات التشكيلية الوطنية بكل إقتدار وإرادة وبجميع مواصفات التميز والفرادة والعزيمة الثقافية الفن الرامية إلى تربية الذوق العام، وتأهيله في أفق أن يصبح الفن التشكيلي بقيمه وأطيافه ودلالته وظلاله وأنواره لغة يتحدث الجميع قواميسها .

إلى ذلكــ ،تقدم الفنانة التشكيلية المغربية شواف ،من خلال لوحاتها الفنية التي تمزج بين أسس المدرسة الإنطباعية وآليات فن البوب آرت،لتحتفي بالطبيعة وبتكريم النساء المغربيات سواء في دواوير ودشور ، والعالم القروي أو بحواضر المدن العريقة المغربية من خلال رسالة فنية، تاركة مجالا لخيال المتلقي من أجل إكتشاف ما تشتمله أعمالها التشكيلية من أبعاد تنم عن لمسات فكر شواف التشكيلي الغني،والمتجدد والموسوم بالدقة والعنفوانية وبالحركية والقيم الإنسانية المشتركة،والساعية إلى توطين الانفتاح وإبراز خصوصيات وكرامة ونبل النساء المغربيات .

ويرجع إهتمام الأوساط الثقافية والدوائر الإبداعية والجهات المسؤولة،والنقاد والباحثين والمهتمين من عشاق الفن التشكيلي النسائي،بأعمال الفنانة التشكيلية المغربية فاطنة شواف، والإقبال المتميز الذي تحظى به أعمالها من طرف الجمهور المغربي والأجنبي، وبالمتابعة من لدن العديد من رواد المنتديات والمعارض واللقاءات الثقافية،بعملها الدؤوب في إطار “جمعية ألوان البهجة للفنون التشكيلية بمراكش”،وحضورها الوازن ضمن فعاليات “تشكيليات الحمراء”، أو في شتى الملتقيات الوطنية والدولية،المتعلقة بالمجال التشكيلي، و العمل الجمعوي الثقافي والتواصلي، كعضو فاعلة بعدة جمعيات وهيئات ومنظمات، من جهة، إلى كونها إحدى الفنانات التشكيليات المغربيات المجددات، والشغوفات بالبحث والعمل على تطوير مناحي التجربة التشكيلية المعاصرة بالمغرب ، والعاملة على نشر الثقافة والفن من خلال تبرعها بالعديد من لوحاتها لفائدة الأعمال الخيرية، وتأطيرها للعديد من الورشات لفائدة الناشئين من الفنانات والفنانين الشكيليين .

ومهما يكن، فقد مثلت الفنانة المغربية فاطنة شواف نموذجا واضحا ومثاليا للتشكيلية العصامية،حيث تميز مشوارها الإبداعي بالإشتغال على جميع المدارس الفنية من تعبيرية إلى تأثيرية ومن تجريدية إلى رمزية، قبل أن ترسو فرشاتها على مقومات المدرسة الإنطباعية وأليات فن البوب آرت، كما ساهم مسقط رأسها بمدينة ميدلت حيث يتوحد بياض الثلج بخضرة الربيع، دفء الأنوار بمراتع الخصوبة، وبهجة الضياء مع ينابيع النماء، وسمو القمم بروعة الروابي،وترقرق المياه مع هدوء الأودية وحفيف الأشجار وعبق التفاح،مما مكن شواف من إغناء ذاكرتها البصرية، وحسها الخيالي، وإلمامها بأغوار اللون وتنوعات النور والظلال، وإثراء وجدانها المرتبط بالطبيعة وبالإنسان، ومهارتها في المزج بين الانطباع والواقع وبين قوة أسلوب الرمزية، ونجاعة إستثمار التراث المادي واللامادي المغربي في تجربتها التشكيلية، لتصبح أي لوحة لوحة من لوحاتها، كتابا مفتوحا على أشرعة الألوان، وواجهة مشرعة على كل منابع القيم والدلالات وتوزيع دقيق لجميع عناصر ومقومات التشكيل المغربي المعاصر بمنتهي الدقة في الحرص على ترجمة المشاعر الإنسانية وبكل إحترافية في تنويع الأفكار والرموز، ومعاني الجمال والتفرد .

والواقع، أن الفنانة المغربية فاطنة شواف، ابنة ميدلت، المسكونة بتعدد المغرب الثقافي، لا تدخر من جهدها ولا من وقتها ساعية نحو التعبير باللون والنور والظل والقيم عن النساء المغربيات، كحارسات للثرات الوطني، متحدية في كل ذلك كل أشكال النمطية والتقليد، لتصنع لنفسها عالما خلاقا وخلابا من الإتقان الفني البارع والكفاءة الإبداعية الماهرة، والانخراط الجاد في الفعل الثقافي، والمثابرة الإيجابية والبناءة وحب العمل الجمعوي.

عالم فريد دافق بالجمال وبقوة التعبير،وتنوع الدلالات،ذالكــ هو عالم الفنانة التشكيلية المغربية فاطنة شواف . .

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.