شهر التراث في مراكش يستحضر أمجاد ومنجزات السعديين

الدكتورة حسناء الحداوي، محافظة قصر البديع، بمراكش لــ “هاسبريس” : 

الثرات ليس قضية المثقفات والمثقفين وحدهم، بل هو قضية المجتمع المغربي بكل فئاته

مــحـمــد الـقـنــور :  

بمناسبة شهر التراث، تنظم المديرية الجهوية للثقافة بمراكش آسفي ،محافظة قصر البديع بشراكة مع كل من جمعية تراث، وجامعة محمد السادس المتعددة التقنيات ، الحاصلة على كرسي UM6P-EMARA العلمي، حول العمارة والعمران والمجلس الجهوي للمهندسين بجهة مراكش آسفي يوم الخميس المقبل 4 مايو ، بقصر البديع بمراكش، فعاليات شهر التراث المذكور .

هذا، وتقدم فعاليات شهر التراث برنامجًا ثقافيا وتواصليا فكريا غنيًا ومتنوعًا، عبر معرض للخرائط القديمة حول مدينة مراكش وخطط صور جوية لذات المدينة، كما يستعرض سلسلة من الخرائط والمخططات القديمة للمدينة ولا سيما المخطط البرتغالي لعام 1589 ، الذي أنتجه المعماري أنطونيو دي كونسياكادو ، بالإضافة إلى طبعة “ماثام” لعام 1680 ، والتي تعتبر كنزًا ثمينا يؤكد عراقة الرؤية الهندسية في الإرث المعماري لمراكش.

إلى ذلكــ، وفي نفس إطار  شهر التراث بمراكش، تنظم إدارة محافظة قصر البديع معرضا للوحات الفنان التشكيلي الإنطباعي غابريل روسو،والتي يقتنص من خلالها معلمة “قبور السعديين” تحت وهج الألوان المائية، وإزدواجية الأضواء والظلال،وإبراز القيم والماهيات، وذلكــ ، قصد إطلاع الجمهور من المغاربة والسياح الأجانب، والمثقفين والمهتمين وعشاق المدينة الحمراء، على تجربة الفنان الإبداعية من جهة،وعن مدى الأثر الفني الذي بصمته المعالم العمرانية الأثرية في مراكش ومواقعها الحضارية في مسارات الفن التشكيلي المعاصر المغربي والعالمي.

كما تقدم إدارة محافظة قصر البديع، والأستاذة نجية لمرابط،عرضا تحت عنوان “رمزية الألوان في التراث الأمازيغي”.

هذا، ومن المنتظر، أن تعرف فعاليات شهر التراث المذكورة في مراكش، مجموعة من الأنشطة التواصلية والمنتديات الفكرية الأكاديمية، والندوات الثقافية التي تروم التعريف والعمران وبمناحي المعمار في عهد السعديين، ومنجزات سلاطين هذه الدولة، على غرار السلطان محمد الشيخ السعدي،والسلطان عبد الله الغالب،والسلطان عبد الملك السعدي، والسلطان أحمد المنصور الذهبي ، الذي تشكل فترة حكمه،الممتدة زهاء ربع قرن،أوج عظمة الدولة السعدية،في مغرب اتسم بالهدوء والاستقرار، وغطى الآفاق في الدفاع عن ثغوره وهويته،ومكانته بين الأمم، وصد الأطماع الأجنبية،وتمكن من العبور إلى درجات التميز العالمي، بعد إنتصاره الملحمي على البرتغال في معركة وادي المخازن مما انعكس على المغرب بالرخاء الإجتماعي والحياة الاقتصادية والتنوع الفكري، والابتكار العلمي والإبداع الفني التعبيري والعمراني تكشفه المباني، وتعبر عنه المنشآت الصناعية من المعامل، على غرار “دار السكر” المتواجدة خارج أسوار حدائق أكدال بمراكش، والقناطر والخانات والأسواق والقصور والكتاتيب والقلاع والبساتين والبيمرستانات والحصون والصهاريج والمساجد والمسالك والمدارس والسقايات وخطط الري الزراعية والحمامات والمزارات والقباب والمطامير والأمراس والثكنات ومختلف أوجه الحضارة العمرانية المغربية بصفة عامة وأكسبه هيبة ملموسة في الغرب كما في الشرق وصيتا دوليا مميزا، وامتدادات إلى قلب القارة الإفريقية.

في ذات السياق،أكدت الدكتورة حسناء الحداوي،محافظة قصر البديع،لــ “هاسبريس” أن المديرية الجهوية للثقافة بمراكش آسفي،ومحافظة قصر البديع،تروم من خلال تنظيم شهر  التراث لسنة 2023،وبمشاركة العديد من الفعاليات الأكاديمية والباحثين والمؤرخين والمهندسين المعماريين والإعلاميين والفنانين التشكيليين والتعبيريين،تحسيس الرأي العام المحلي والجهوي والوطني بأهمية التراث التاريخي لمدينة مراكش وعلاقاته بتفعيل الدينامية الإقتصادية السياحية والتجارية، وإطلاع الناشئة من أجيال الغد،ورواد فعاليات هذه الأيام التي تحتفي بالتراث على عظمة الدولة المغربية في عهد السعديين من خلال مآثرهم العمرانية، ومنجزاتهم الإقتصادية وقوتهم العسكرية وحنكتهم الديبلوماسية وصيتهم العلمي، والتعريف بأبرز مظاهر الحياة الفكرية والعلمية والأدبية والفنية في عهدهم عبر تقديم نموذج واضح عن سيرة وأعمال المؤرخ والشاعر عبد العزيز الفشتالي والوزير في بلاط السلطان السعدي أحمد المنصور ، حيث خلد المؤرخ المذكور، إنتصارات السعديين ومفاخرهم في كتابه الشهير والمرجعي “مناهل الصفا في مآثر الشرفا“، والذي إعتبر مرجعا للعديد من المؤرخين ممن أتوا بعده، على غرا محمد الصغير الإفراني صاحب كتاب “نزهة الحادي بأخبار ملوك القرن الحادي” وأبو القاسم الزياني،في كتاب “الترجمان المعرب”،والمؤرخ الفقيه أكنسوس مؤلف كتاب“الجيش العرمرم الخماسي في دولة أولاد مولانا علي السجلماسي”، والمؤرخ أحمد بن خالد الناصري،صاحب “الإستقصا لأخبار ملوك المغرب الأقصى،وآخرون …

وذكرت الحداوي،أن فعاليات شهر التراث المذكورة،والمتمحورة في معلمة قصر البديع،كإيقونة حضارية تكشف أسمى مظاهر الحضارة المغربية في عهد السعديين، جاءت من أجل توحيد الطاقات الفكرية وجهود مختلف المختصين قصد حماية تراث مدينة مراكش،كحاضرة متفردة ومدينة إمبراطورية مشيرة، أن التنمية الثقافية باتت تتطلب تظافر الجهود،وتوحيد الرؤية،بين الأفراد من الفاعلين،وبين المؤسسات المعنية بقضايا التراث للتعريف بالموروث المغربي المادي واللامادي،ولتوطيد الإنفتاح على كل الأجيال”.

وأكدت الدكتورة الحداوي،أن الثرات ليس قضية المثقفات والمثقفين وحدهم،بل هو قضية المجتمع المغربي بكل فئاته،لكونه يشكل خزانا لحضارته ولوسائل تعبيراته،ويمثل أحد تجليات مسارات حياته،وأداة لتنميته،ووعاء تتبلور من خلاله إنسانية المغاربة،وحضارتهم المادية والروحية.

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.