“الفسيفساء والخزف المغربيان، سفيران للمعمار المغربي في ربوع العالم”
مـحـمـد الـقـنــور :
إحتفاء بشهر التراث في مراكش، تنظم محافظة قصر البديع، التابعة للمديرية الجهوية لقطاع الثقافة بجهة مراكش آسفي،وشعبة التاريخ بكلية الآداب والعلوم الإنسانيةبجمعة القاضي عياض، ومختبر المغرب، والحوض الغربي للبحر الأبيض المتوسط، وأكاديمية توبقال للأبحاث والدراسات الإجتماعية، ورشة تدريبية في صيانة وترميم الفسيفساء والخزف المغربي،كشواهد معمارية أثرية، تفصح عن زخم التاريخ المعماري المغربي، وذلكــ يوم غد الجمعة 12 ماي الجاري، برحاب كلية الآداب والعلوم الإنسانية، التابعة لجامعة القاضي عياض في مراكش.
هذا، وتأتي هذه الورشة التدريبية والمنظمة لفائدة الحرفيين والخبراء من المهنيين، للتحسيس بأهمية الفسيفساء والخزف المغربي، في سياق ما يتميزان به، من خصوصيات مغربية، وعراقة تختزل مختلف الرونق المعماري، وجمالية الفن المغربي، حيث يقدم كل من الفسيفساء المغربية، والخزف الطيني البني والأخضر، عنصرا مهما في تراتبية المجسمات الهندسية وتنوع الألوان.
في ذات السياق، أكدت الدكتورة حسناء الحداوي، محافظة قصر البديع بمراكش،لــ “هاسبريس” أن الورشة التدريبية، حول صيانة وترميم الفسيفساء والخزف المغربي، تنظم في إطار تنفيذ أهداف وبرنامج شهر التراث، وإستمرارية إنفتاح إدارة المحافظة على محيطها الخارجي، الأكاديمي والإجتماعي،ومن أجل الحفاظ على الذاكرة المعمارية، والحيلولة دون نسيانها.
وأوضحت حسناء الحداوي، أن ما يميز الفسيفساء والخزف المغربي، عن غيرهما من مواد البناء وأدوات التزيين المعماري، كونهما يصنعان يدويا، ضمن دقة احترافية، ومهارة عالية تكشفان عن إبداعية الصانع التقليدي، وتترجم آصالة الهندسة المغربية، المتجلية في معمارها المتنوع وقصورها ومزاراتها ورياضها قبابها البديعة، مما يصنع فخامة هذه المواقع المعمارية.
وأبرزت الحداوي، أن الفسيفساء، أو ما يعرف بالخزف المغربي بأنواعه الطينية والطينية المدججة، والخضراء، والزليج البلدي ،كرافد أندلسي موريسكي مغربي،عابر للأزمنة والعقود،لم يعد مقصورا على المغرب،ومآثر المغرب،بل باتت من النماذج المطلوبة في مختلف أرجاء العالم، بعدما إرتفعت وثيرة الطلب على هذه الفنون الوطنية المعمارية الأصيلة، من طرف عشاقها وزبنائها،ولدى المؤسسات السياحية والمراكز الثقافية والمتاحف الدولية،مشيرة إلى أن صادرات الفسيفساء والخزف المغربي بأنواعه نحو الخارج، باتت تشكل سفراء للمعمار المغربي في ربوع العالم، ومؤكدةً ، أن ترميم الفسيفساء يعتبر عملية معقدة تتطلب الإطلاع على أصول الزخارف وألوانها، ومختلف تفاصيل أشكالها الهندسية، وإطلاع المهتمين بطرق ترميمها ، خصوصا المهددة منها بالإندثار إلى الحياة.
كما أفادت حسناء الحداوي أن إدارة محافظة قصر البديع بمراكش،تستهدف من خلال تنظيم الورشة التدريبية،المتعلقة بصيانة وترميم الفسيفساء والخزف المغربي، ضمان استمرارية هذا النمط المعماري، وإطلاع طلبة الجامعة والباحثين والمختصين والمهتمين على أسراره، وآليات إعادة ترميمه،وطرق إبراز معالمه وأنواعه وجمالياته، لتشجيع صيانته والتحسيس بأهميته الثقافية والحضارية.
على ذات الواجهة، وحسب الإحصائيات المتوفرة لــ “هاسبريس”، فقد كانت صناعة الفسيفساء والخزف المغربيين، قد عرفت إرتفاعا كبيرا في الفترة من 2016 إلى 2022،بسبب حسن الترويج للصناعة التقليدية المغربية،وحضورها بالمعارض الوطنية والدولية، ونيجة الزخم السياحي، وإرتفاع عدد دور وضيعات الضيافة بمراكش، ومدن أخرى،وتأتي الولايات المتحدة الإمريكية على رأس المستوردين للفسيفساء والفخار المغربيين، بأكثر من 68 في المئة، تليها الدول الأوربية بنحو 20 بالمئة من إجمالي صادرات هذه المواد التجهيزية المعمارية المغربية .
وكشفت نفس الاحصائيات أن عدد أوراش صناعة الفسيفساء بأنواعها الثلاث الكبرى، الفاسي والمراكشي والتطواني، والتي تتميز بين هذه المدن على مستوى الأشكال الهندسية ،وتراتبية القطع من الكبيرة إلى المتوسطة ثم الصغيرة، وتدرج الألوان من الأخضر والأصفر والأحمر والبني والأزرق، “كان محدودا في 78 ورشة في 1995 لتبلغ 197 في 2005 ثم إلى 246 في 2022، أي بزيادة 215 في المئة، وبنسبة 33 في المئة خصيصا بمراكش، بعد أن باتت دكاكين صناع هذه الفسيفساء تؤثث دروب وحارات مراكش العتيقة، كحي رياض العروس، وحي ديور الصابون، وحي بوسكري، وحي سيدي سوسان، وحي الباروديين وغيرها، وباتت لا تستخدم فقط في المعمار، وإنما في تزيين الطاولات والموائد والكراسي، والمنضدات والدواليب، وغيرها من مسلتزمات الزينة المنزلية وتصاميم الديكور .
إلى ذلكــ ، فإن ما يميز الفسيفساء في مراكش عن مثيلاتها في فاس وتطوان ومدن عريقة أخرى، يكمن في حجم قطعها المتنوعة،من الكبير إلى الصغير والدقيق، حيث تأخذ أشكال متنوعة من مربعات ونجمات صغيرة ومعينات ومستطيلات، ودوائر، ونصف دوائر، ومثلثات، تتشكل فيما بينها، لتنسجم في زخارف نوعية وخلابة.