الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة في مراكش وسؤال الإمكانات

مــحـمـد الـقــنور : 

ترأست ليلى بنعلي وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة بمشاركة كل من رئيس مجلس جهة مراكش آسفي، والكاتب العام للشؤون الجهوية لولاية الجهة، والنائب الأول لجماعة مراكش والممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية في المغرب، والمدير الجهوي للبيئة بجهة مراكش آسفي، أشغال حفل إطلاق مشروع ” مراكش، مدينة مستدامة” اليوم الأربعاء 31 مايو الجاري بمراكش، كمشروع يعتبر نتاج تعاون مثمر بين وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة وجماعة مراكش وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية، بتمويل من الصندوق العالمي للبيئة في إطار برنامجه المدن المستدامة.


وأكدت الوزيرة بنعلي، في كلمة ألقتها خلال حفل إطلاق مشروع “مراكش، مدينة مستدامة”، أنه تماشيا مع الرؤية المتبصرة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، وكذلك مخرجات النموذج التنموي الجديد، وأهداف الاستراتيجية الوطنية للتنمية المستدامة”، وإدراكا لهذه التحديات، عملت المملكة بصورة استباقية ومسؤولة على تنزيل سياسات عمومية تدعم الاستدامة وتحقق بشكل كبير أهداف التنمية المستدامة، بناء على منهجيات ومقاربات مبتكرة ومتكاملة، كمقاربة النظم البيئية، والحلول المبنية على الطبيعة، واستصلاح الأراضي وتعزيز الاقتصاد الدائري، والنجاعة الطاقية والتكيف مع التغير المناخي.

كما شددت الوزيرة بنعلي أن المدن تعتبر رافعة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية، حيث تشكل 80 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وفي الوقت نفسه تواجه العديد من التحديات، الاقتصادية والاجتماعية والبيئية، نظرا للتسارع في النمو السكاني والتوسع العمراني، مما يجعلها المصدر الرئيسي للإشكاليات البيئية، كانبعاثات الغازات الدفيئة، والتلوث واستهلاك الطاقة، مبرزة أن هذا المشروع هو نتيجة تعاون بين وزارة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة وجماعة مراكش وبرنامج الأمم المتحدة للتنمية، بتمويل من الصندوق العالمي للبيئة، في إطار برنامجه المدن المستدامة”، ومضيفة أن البرنامج يتضمن تنفيذ عدة مشاريع في مدينة مراكش حول العديد من المواضيع، بما في ذلك التخطيط الحضري والنقل والتنوع البيولوجي والنفايات والطاقة وغيرها.

وذكرت بنعلي أن مشروع “مراكش، مدينة مستدامة”، تم تصميمه بطريقة تشاركية بين جميع المتدخلين، قصد دعم ومساندة جماعة مراكش والفاعلين المحليين لتطوير مدينة أكثر جاذبية وتنافسية ومرونة، تعكس التحول البيئي والطاقي.

وأبرزت الوزيرة بنعلي أن هذا البرنامج، يهدفُ إلى تقديم حلول مبتكرة في ما يتعلق بالتخطيط الحضري والتمويل ودعم الاستثمارات المحلية، لتعزيز التنمية المستدامة في مدينة مراكش، سيجعل المدينة الحمراء مرجعا على المستوى الوطني والدولي في مجال الاستدامة، من خلال تحسين التخطيط الحضري والتأهيل البيئي المتكامل والتمويل المستدام.

في ذات السياق، أفاد كريم قسي لحلو، والي جهة مراكش آسفي، وعامل عمالة مراكش، في كلمة ألقاها بالنيابة عنه عبد الصادق العالم، الكاتب العام للشؤون الجهوية بولاية جهة مراكش آسفي، أن “المغرب يتوفر على امكانيات مؤسساتية واستراتيجيات هامة قادرة على مواجهة التحديات الحضرية والمناخية وتحقيق الأهداف الوطنية للتنمية المستدامة ومكافحة تغير المناخ”، مضيفا أن هذه الامكانيات تتيح الفرصة للمدن والجهات لاعتماد رؤية بعيدة الأمد وبرامج قابلة للأجرأة تهم التنمية المندمجة والمرنة والمستدامة، وذلك بإشراك جميع الجهات الفاعلة على المستوى المحلي.

كما أكدت كلمة الوالي على أن مشروع “مراكش، مدينة مستدامة” يتماشى مع الدينامية التي تعرفها المدينة، مما من شأنه العمل على تعزيز هذا الوعي المجالي، وهو، بالتالي، يمثل آلية مهمة لتعزيز الاندماج والتخطيط الحضري المستدام، من خلال نهج متعدد القطاعات واستثمارات خضراء تهدف إلى تعزيز الاستدامة على مستوى المدينة.

من جانبه، لم يخف سمير كودار، رئيس مجلس جهة مراكش آسفي، أن إطلاق مشروع “مراكش، مدينة مستدامة”، سيشكل لبنة لنهج المدينة الحمراء ومدن الجهة، ولبرامج رائدة على مستوى التنمية المستدامة، تتسم من خلالها مدن الجهة المستقبلية بالجاذبية والابتكار وبالقدرة على التكيف والصمود إزاء مختلف الأزمات الدولية ذات الطابع الاقتصادي والمالي والتكنولوجي، وكذا الكوارث الطبيعية، والتحكم في انعكاساتها البيئية والاجتماعية السلبية، كما ينبغي عليها تدبير مواردها الطبيعية والمالية والبشرية بطريقة تتسم بالنجاعة والمسؤولية.
وشدد كودار على ضرورة إسهام الانتقال نحو المدن المستدامة في ضمان التماسك الاجتماعي والأمن والرفاهية للمواطنين والمواطنات، و خلق فرص شغل جديدة، خصوصا لفائدة النساء والشباب.
في حين تناول محمد الادريسي، النائب الأول لرئيسة المجلس الجماعي لمدينة مراكش، ضرورة مواجهة مدينة مراكش للتحديات المتمثلة في تلبية الحاجيات الملحة للساكنة ووضع استراتيجية ورؤية ترابية من شأنها العمل على الاستجابة المستقبلية للساكنة، في إطار نهج يعتمد على التنمية المستدامة والمندمجة والمرنة، مشيرا إلى أن المجلس الجماعي للمدينة بلور خطة عمل الجماعة للفترة 2023 – 2028، تحمل شعار “مراكش مدينة مرنة ومستدامة”، وتتأسس على رؤية استراتيجية تروم تعزيز وتبني الأبعاد الاقتصادية والثقافية والبيئية والاجتماعية.

وإرتباطا بذات السياق، ثمنت مارتين تيرير، الممثلة المقيمة المساعدة لبرنامج الأمم المتحدة للتنمية في المغرب، جهود المملكة على اختيارها من قبل الصندوق العالمي للبيئة من بين 9 دول في العالم تستفيد من هذا البرنامج، مما يعكس الاعتراف المستحق بالتزام المغرب، وبالتدابير الملموسة المتخذة لتسريع انتقال المملكة نحو النمو الاقتصادي الأخضر والتنمية الشاملة والمستدامة.

وإستطردت تيرير، أن “العديد من المدن حول العالم تنتظر بفارغ الصبر نتائج هذا المشروع للانخراط في التحول الخاص بها، مما يتعين العمل معه على إنجاحه وضمان مستقبل أكثر استدامة وشمولية لمدينة مراكش وسكانها”.

على ذات الواجهة، قدم نور الدين برين، المدير الجهوي للبيئة بجهة مراكش آسفي، عرضا علميا تفصيليا حول برنامج “مراكش، مدينة مستدامة”، أبرز من خلالها الإطار العام للمشروع، وإستعرض أهدافه، ومكوناته وآليات مقارباتة المتعلقة بتنزيله على المستوى الترابي.
وأشار برين أن أثر وأهداف ومكونات هذا البرنامج، تكمن في نتائجه المتعلقة بتوطين التنمية الحضرية المندمجة والمرنة والمستدامة على مستوى تراب جماعة مراكش،
وتطوير أدوات التخطيط الترابي وعصرنة آفاق الدعم المالي والآليات المبتكرة، وتقوية الحلول المنطلقة من السلامة البيئية، والإمكانيات الطبيعية، ذات انبعاثات الكربون المنخفضة في إستعمال الطاقة، والنجاعة الطاقية، وتدبير النفايات، والمحافظة على التنوع البيولوجي ومكافحة التلوث بمختلف القطاعات.

إلى ذلك، اختتمت أشغال هذا الورش بمداخلات مختلف ممثلي وممثلات الهيئات الوطنية والترابية، وممثلي القطاعات الوزارية وأطر المؤسسات العمومية، وممثلين عن القطاع الخاص، وأطر مؤسسات البحث العلمي ونشطاء ونشيطات المجتمع المدني المشتغل على المجال البيئي،والحياة الإيكولوجية، تناولت مناقشة مقومات مشروع ” مراكش، مدينة مستدامة”، ونتائجه على المدينة الحمراء وعلى ساكنتها، مع تأكيد التزامهم للعمل المشترك قصد تحقيق أهدافه الرامية إلى تعزيز التنمية الحضرية المندمجة والمرنة والمستدامة على مستوى تراب جماعة مراكش، وتطوير أدوات التخطيط الترابي والأخذ بمناهج التدبير المالي المبتكرة، وتقديم الحلول البيئية والتنموية القائمة على سلامة الطبيعة، والحياة العمومية، بإنجاز مشاريع ومبادرات مستدامة ذات انبعاثات منخفضة للكربون في مختلف القطاعات على غرار الطاقة، والأخذ بمواصفات النجاعة الطاقية، وسبل تدبير النفايات، ومكافحة التلوث والمحافظة على التنوع البيولوجي.

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.