تعاونية “النجاح” الحرفية للمكفوفين في مراكش بين تحديات الإعاقة و ضعف الموارد المالية
محمــد القـنــور:
عدسة : محمد أيت يحي :
ظلت تعاونية “النجاح” الحرفية للمكفوفين في مراكش،منذ تأسيسها في 20 يونيو 1984، تعتبر من التعاونيات النشيطة والمتميزة ، على المستوى الوطني والجهوي ، نتيجة عزم أعضائها من الرجال المكفوفين والنساء المعوزات الأرامل على عدم الركون إلى الغير ، أو مد أيديهم إستجداءا أو مسكنة، رغم أن تعاونية بنفسها تعاني مجموعة من مظاهر النقص المالي، نتيجة عدم إهتمام المحيط الخارجي بها.
وتسعى تعاونية “النجاح” الحرفية للمكفوفين في مراكش، برئاسة الكفيف محمد بوجلبات إلى تحقيق وجودها في ظل عالم تطبعه المنافسة واللامبالاة بالآخر، خصوصا إذا كان من فئة ذوي الحاجات الخاصة ، كالمكفوفين والمكفوفات .
هذا، وتعتمد أنشطة التعاونية المذكورة على صناعة “القفاف” من دوم النخيل، رغم قلة مواردها المالية، كما تسعى إلى ربط جسور التواصل للتعريف بمنتوجاتها اليدوية التقليدية ، لدى مختلف مراكز التجارية والمحلات السياحية من بازارات ودكاكين تعج بها مدينة مراكش، جاهدة من أجل تسويق المنتوج وجعله معروفا.
إلى ذلكــ ، تُعد تعاونية “النجاح” الحرفية للمكفوفين في مراكش من التعاونيات الفقيرة، التي تعتمد على مبدأ التشغيل الذاتي للمكفوفين وأرامل المكفوفين ، ممن فضلوا الانخراط في هذا الورش لتفادي السقوط في البطالة المستدامة، أمام صمت المسؤولين وعدم فتحهم لجسور التواصل مع المحيط الخارجي، من أجل الإهتمام بمتوجاتهم.
في سياق مماثل، كانت تعاونية “النجاح” الحرفية للمكفوفين في مراكش، قد رسمت منذ تأسيسها بتاريخ 20 يونيو 1984 ،لمدة حياتها التي أكدها المؤسسون في 99 سنة، وأهدافها الأساسية القائمة على البحث عن كل الوسائل والأسباب المشروعة لإنقاد الكفيف والكفيفة من التسول، وعلى تعليم المكفوفين من أعضائها حرفة من حرف الصناعة التقليدية ، المناسبة لظرفهم الصحية،وعلى إقتناء المواد الأولية ووسائل العمل قصد إستعمالها من طرف التعاونية، وإقرار العمل المشتركـ لإنجاز هذه المنتوجات، وتسويقها ، والقيام بكل الأعمال الإجتماعية التي من شأنها أن تعود بالنفع على أعضائها من كلا الجنسين، و أسرهم، فعلى هذا الأساس تكونت فكرة تأسيس التعاونية، التي انضم إليها عدد مهم من المكفوفين والمكفوفات بمراكش،يصل إلى 40 كفيف وكفيفة، من ضمنهم أرامل مكفوفين، حيث يشترط القانون الأساسي للتعاونية في فصله الــ 10 أنه لايجوز أن ينخرط في التعاونية ، إلا الأشخاص البالغين سن الرشد، على أن يكونون مكفوفين ومكفوفات، بإستثناء النساء المساعدات، مع شرط إقامتهم على تراب عمالة مراكش.
وحول كيفية تأسيس تعاونية “النجاح” الحرفية للمكفوفين في مراكش، يؤكد رئيسها الحالي،الكفيف محمد بوجلبات أن المنظمة العلوية لرعاية المكفوفين ومصالح السلطات المحلية بمراكش كانت ولاتزال تلعب دورا أساسيا وكبيرا منذ فترة الثمانينيات ،في تأسيس ملامح التعاونية، ووضعها عى سكة التنظيم المحكم، بعد أن إختار مؤسسوها التمسك والتشبث بحقهم في الكرامة والإنسانية، وعدم الركون للتواكل، حيث فضل أعضائها البالغ عددهم 40 عضو سلك طريق التشغيل الذاتي، رغم صعوبة هذا الطريق بالنسبة للمكفوف ، وهزالة الاستفادة منه، نتيجة ضعف الموارد المالية للتعاونية .
في ذات السياق، لا يُخْف رئيس التعاونية، رغبته الملحة في أن تنفتح وزارة الصناعة التقليدية ومؤسسة الإنعاش الوطني،والتعاون الوطني، وباقي الإدارات التنموية والجمعيات الإقتصادية والمراكز التجارية، والمؤسسات المالية عن منتوجاتهم المتمثلة في صناعة “قِفاف الدوم”، على أمل تطوير وتشجيع التعاونية، ودفعها للمشاركة في الحياة الإقتصادية العامة، وخلق إستمرارية ناجعة لفرص الشغل والتقليل من حجم الركود الذي تعرفه التعاونية، وإدماج التعاونية في دواليب التنمية الإجتماعية التي تعرفها المملكة، وتوفير فرص التسويق لمنتوج التعاونية، القائم على صناعة “قفة الدوم”لاغير ، وتمكين ذوي حقوق الانتفاع من كيفيات استغلال التعاونية وتسويق منتوجها.
وعن طبيعة “قفة الدوم” منتوج تعاونية “النجاح” الحرفية للمكفوفين في مراكش، يشير الكفيف المحجوب الروكي ، صانع الدوم والكاتب العام للتعاونية، أن هذه الأخيرة تمكنت من توفير عدد من فرص الشغل بالنسبة للمكفوفات والمكفوفين المنضوين تحت لوائها، رغم هزالة المردودية المالية،وقوة التنافسية التي تعرفها أسواق الصناعة التقليدية،في حين يؤكد الكفيف عبد الكريم الشنتيف، صانع الدوم، وأمين مال التعاونية، على أن منتوج “قفة الدوم” يتماشى مع ثقافة الحفاظ على البيئة، ومعالم التدوير، والأنشطة الحرفية الملائمة لآصالة الثقافة المغربية، بكل أبعادها الحضارية، رغم أن هذا النشاط الذي لايعرفون سواه، نتيجة كفاف بصرهم، لايغطي مصاريفهم الشخصية وحاجيات عائلاتهم .
وحول البعد الاقتصادي للتعاونية يشير الكفيف عبد اللطيف بن عثو، صانع الدوم، ونائب أمين مال التعاونية ، أن الإهتمام بتقوية القدرات والمؤهلات المالية للتعاونية، من خلال المنح والسبل القانونية لتصريف الموارد المالية، بات ملحا نظرا لدخول التعاونية في دائرة الجمود على مستوى المردودية منذ عقد من الزمن، بفعل قوة المنافسة وقوة السوق التجارية، وإفتقاد التعاونية لسبل التسويق،كما يثمن الدور الإحساني المنظمة العلوية لرعاية المكفوفين تحت رئاسة سمو الأميرة للا لمياء ، من خلال الجهود التواصلية والداعمة التي يقوم بها مكتب فرع مراكش بالمنظمة المذكورة .