إنطلاق موسمية سماع مراكش بحضور دولي قوي وتحت وهج إعلامي متنوع

هاسبريس :

تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، انطلقت، قبل قليل من مساء اليوم الخميس 19 أكتوبر الجاري، بفضاء المحاضرات المركب الإداري والثقافي محمد السادس التابع لوزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية بباب إغلي مراكش، فعاليات الدورة 12 من سماع مراكش للقاءات الأدبية والموسيقى الصوفية، التي تشرف على تنظيمها جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته، وذلكـ بحضور شخصيات مدنية وشخصيات عسكرية، ومجموعة من ممثلي المصالح الخارجية للوزارات، وممثلي المجالس المنتخبة والغرف المهنية بجهة مراكش آسفي .


وتدفق الجمهور المراكشي، وعشاق الموسيقى الروحية العريقة من زوار المدينة الحمراء والسياح الأجانب، على فضاء المركب المذكور، خلال افتتاح هذه التظاهرة الثقافية والفنية،المنظمة بشراكة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل، ووزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والاسكان وسياسة المدينة، ومجلس جهة مراكش آسفي، والمجلس الجماعي للمدينة، لحظات مميزة من السماع الديني والمديح النبوي والأنغام الصوفية في حفلة موسيقية روحية تتغنى بقيم التسامح والتواصل الحضاري، وتحتفي برسائل الإسلام الحضارية، وباقات من الأذكار والأشعار الصوفية والمدائح النبوية أحيتها مجموعة السماع للزاوية الشرقاوية بمدينة أبي الجعد.

وفي كلمة ألقاها بالمناسبة، أبرز جعفر الكنسوسي، مدير موسمية سماع مراكش، ورئيس جمعية منية مراكش، الباحث الأكاديمي في قضايا التراث المغربي المادي واللامادي، أن أهمية هذه التظاهرة الثقافية والفنية تكمن في التعريف بقيم الهوية والتقاليد الثقافية والروحية بالمغرب وتفهيمها ومن ثَم الاستجابة للحاجة الروحية للجمهور والكشف عن الحكمة وعن تعاليم كبار مشايخ التصوف عبر التاريخ، مشيرا إلى أن هذه الموسمية، التي ستقام على مدى ربعة أيام في عدد من الفضاءات التاريخية بالمدينة الحمراء، تسعى إلى الحفاظ على السماع الصوفي كتراث فني عالمي، ثقافي وروحي، يتيح فرصة مواتية للتأمل ويبرز للجمهور معاني التفكر بالكرامة الإنسانية.

إلى ذلكــ ، أكد عبد الجليل بوزوكار مدير المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث، في كلمة نيابة عن وزير الشباب والثقافة والتواصل، على أهمية موضوع الموسمية 12 للقاءات والموسيقى الصوفية، المرتبط بالحواضر التاريخية التي حافظت على جزء هام من خصائص التراث المغربي الأصيل، سواء في مجالات المعمار أو المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المختلفة.

وأبرز بوزوكار، أن المدن العريقة تواجه حاليا العديد من التحديات التي تهدد نسيجها العمراني ووظائفها الحضارية والإقتصادية والإجتماعية المتعددة ، مما أصبح يفرض القيام بجهود متواصلة في مجالات ترميمها وتهيئة مجالاتها وتثمين مواقعها الآثرية،ورموزها التاريخية،قصد تأهيلها ، وتمكينها من مقاومة تأتير العوامل البشرية والطبيعية المتداخلة، مستعرضا المشاريع التي أنجزها قطاع الثقافة بمدينة مراكش المصنفة تراثا عالميا من طرف منظمة اليونسكو.


من جانبه، أشار عبد الاله بنعرفة نائب المدير العام لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، الى أن سماع مراكش للقاءات والموسيقى الصوفية، يشكل فرصة لترسيخ وتثمين الخبرات والتجارب الرائدة، وذلك في نطاق الجهود المبذولة لمواكبة الإصلاحات الكبرى، وتنزيل توجيهات صاحب الجلالة الملك محمد السادس ، التي تضع التراث المعماري والروحي للمدن العتيقة في صلب اهتمامات السياسات العمومية.

كما شدد بنعرفة على أهمية إنجاح احتفاء مدينة مراكش، التي تزخر بتعدد ثقافي وتراث مادي ولامادي يترجم مجمل روافد الحضارة المغربية، مما أهلها في أن تنتخب عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي لسنة 2024، مشيرا، أنها مناسبة لإخراج مجموعة من المشاريع والمبادرات التي تخدم التنمية المستدامة والتراث الثقافي المادي بنوعيه.

في سياق مماثل، أفادت عتيقة بوستة نائبة عمدة مراكش المكلفة بالشؤون الثقافية والرياضية، أن المجلس الجماعي لمراكش أدرج سماع مراكش للقاءات والموسيقى الصوفية، ضمن برنامج عمله للفترة الانتدابية 2023- 2028، وجعله أحد المشاريع ذات الرمزية الكبيرة، التي يسعى الى تطويرها، مشيرة الى أن هذا المهرجان يهدف الى حماية التراث اللامادي لفن السماع والمديح، لتشجيعه والرقي به وضمان انتقاله الى الأجيال المقبلة.

وفي تصريح لها لــ “هاسبريس” أبرزت فاتحة الخلفاوي، نائبة رئيسة جمعية منية مراكش، أن برنامج هذه التظاهرة الثقافية والفنية الدولية، يركز على مدينة مراكش العتيقة، الخارجة من كارثة الثامن من شتنبر الحالي، كما يتناول واقع وآفاق المدن المغربية العريقة والمدينة العتيقة لمراكش على وجه الخصوص، من خلال مداخلات لفعاليات وطنية ودولية من المسؤولين الحكوميين والإداريين الحاليين والسابقين، والمهندسين المعماريين والمخططين الحضريين وعلماء الاجتماع، ومختلف الكفاءات المنخرطة في مجالات العمران والتعمير والإسكان ، وصناع القرار من المسؤولين عن تنظيم وتنفيذ برامج الحفاظ على النسيج الحضري القديم وترميمه، والرموز الفكرية والكفاءات الهندسية، والأوساط الأكاديمية المختصة في قضايا التراث والمعمار المغربي.

وأوضحت الخلفاوي، أن النسخة الثانية عشر من هذه اللقاءات الدولية،والتي إختارت فضاء خزانة إبن يوسف، بمربع الحي المرابطي في مراكش، كفضاء تاريخي يعود إلى قرابة الألف العام، ويتميز ببعده التاريخي والحضاري على مستوى الوطني والعالمي، تأتي تكملة لموسمية العام الماضي التي شهدت تنظيم ندوة بعنوان “حاضر المدن العتيقة بالمغرب ومستقبلها، معرفة ذاكرة التراث المعماري والعمراني في المغرب الكبير والشرق العربي” والتي جمعت خبراء وجهات فاعلة وصناع القرار المشاركين في حماية المدن وصونها، حيث مكنت من فهم الوضع الحالي للمدن التاريخية في المغرب الكبير والشرق العربي بشكل أفضل ولكن أيضا تقييم سياسات الحماية الخاصة بها سواء كانت وظيفية أو معمارية أو اجتماعية أو بنائية.

وكشفت الخلفاوي ، أن برنامج هذه التظاهرة يتضمن تنظيم ندوة دولية تفاعلية من محاور تكاملية ستغطي أيام الموسمية الثلاثة التي ستعقبُ الحفل الإفتتاحي، حول محاور”حاضر المدن العتيقة بالمغرب ومستقبلها” ضمن محاضرات وعروض سمعية بصرية ، وتواصل عن بعد سمعي بصري مع مختصين ممن تعذر عنهم الحضور، من مختلف جامعات العالم ، تتعلق برهانات العمران والمعمار ومناهج الحفاظ على الأحياء والأسواق والدور والمزارات ومختلف المواقع الآثرية التاريخية، إلى جانب تنظيم ليلة سماعية مديحية تزامنا مع يوم الأربعينية بعد أحداث زلزال الحوز المؤلم لثامن شتنبر الفارط ، وذلكــ للدعاء والابتهالات والصلوات ترحما على أرواح ضحايا هذه الكارثة الطبيعية في كل من مدينة مراكش وأقاليم الحوز وتارودانت وورزازات وشسشاوة وأزيلال، وإقامة حفلات موسيقية روحية في المعالم التاريخية المرموقة بالمدينة العتيقة لمراكش.

ومن المنتظر، وحسب برنامج الموسمية، أن يستعرض مجموعة من المهندسين المعماريين، وخبراء الترميم والأكاديميين والباحثين الجامعيين والمخططين الحضريين من المغاربة والأجانب المدعوين لموسمية سماع مراكش تجاربهم التي عاشوها في المدينة العتيقة،والعديد من المدن العالمية والمغربية العتيقة، وانجازاتهم المتعلقة بالحفاظ على هذه المدن وصون خصوصيتها المعمارية، وتأهيلها من أجل مواكبة مستجدات العصر وطوارئه، وواقع ورهانات السياسة العامة للحفاظ على التراث المادي واللامادي المغربي،مع بسط مختلف الممارسات الحضرية الناجعة والصديقة لبيئة ومعالم مدينة مراكش العتيقة ومحيطها الحيوي في جبال الأطلس، وسهول الرحامنة ووديان تساوت وإمتداداتها بمناطق ودواوير الشياظمة وعبدة وحاحة ودكالة وقبائل أحمر…، خصوصا، وأن فاجعة الزلزال الأخير، إستهدفت مربع مراكش وأغمات المرابطية، تنمل الموحدية، تارودانت السعدية ، وهو المربع الذي يعتبر أقدم مربع تاريخي حضاري في المغرب، وعلى مستوى الغرب الإسلامي .

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.