نظمت جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته، برئاسة الباحث الأكاديمي والفاعل الثقافي الأستاذ جعفر الكنسوسي، حفل عشاء ثقافي وتواصلي، حضرته مجموعة من الفعاليات الاجتماعية، والأوساط الأكاديمية وممثلي بعض الجهات الإدارية والتربوية والدوائر الاقتصادية من نساء ورجال الأعمال، ونساء ورجال الإعلام، فضلا عن أطر الجمعية، و تضمن الحفل، الذي جاء في سياق، إعلان “مراكش عاصمة الثقافة في العالم الإسلامي” عرض شريط وثائقي حول مختلف أنشطة الملتقيات الثقافية والندوات الفكرية، والجهود الميدانية التأطيرية، والمواسم والاحتفاليات التراثية التي نظمتها الجمعية برسم سنة 2023، كما عرف الحفل المذكور، تتويج الأستاذة أمينة لمغاري، عضو الجمعية ، بمناسبة حصولها على شهادة الدكتوراه، حول أسس الحكامة في تدبير قضايا التراث، وتقديم مصنف الباحث الأستاذ محمد المهدي الكنسوسي حول تناول المغاربة لمنهجية علوم الحديث .
كما أبرز الأستاذ جعفر الكنسوسي، رئيس جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته أن الجمعية من خلال إشتغالها على عدة واجهات ثقافية، ومبادرات تحسيسية وتأطيرية للجمهور عموما، وللناشئة خصوصا، على غرار “زهرية مراكش” و” سماع مراكش للقاءات الأدبية والموسيقى الصوفية” والندوة الدولية الموضوعاتية حول قضايا الحفاظ على التراث المعماري المادي وٍروابطه اللامادية.
وأشار الكنسوسي، أن قضايا الحفاظ على التراث المادي واللامادي المغربي عموما، وبمدينة مراكش، كحاضرة كبرى من حواضر العالم الإسلامي والعربي وإفريقيا، يعتبر جزءًا مهمًا من الحفاظ على تاريخ البشرية وثقافتها، موضحا أن يمكن للمعاهد والجامعات والمراكز العلمية والتجمعات الحرفية وفعاليات المجتمع المدني والإعلام أن تلعب دورًا هامًا في المحافظة على هذا التراث وتثمينه، من خلال تحليل وتلقين رسائله،وسبر أغواره،وتوثيقه،وتعزيز الوعي بأهميته، وتعزيز الحفاظ عليه.
كما كشف الكنسوسي، أن التراث المادي واللامادي يواجه خطر الاندثار خاصة في زمننا الذي يشهد تطورًا وتغيرًا في بعض أنماط عيش الإنسان المغربي عموما، خصوصا الأنماط المتعلقة بالمواسيم وطقوس الأعياد والفصول، والمناسبات العائلية، من طقوس الخطوبة والزفاف والختان وتقريط آذان الفتيات، ومراسيم التعامل مع العمران والطبيعة ومختلف مظاهر البيئة والحياة العامة، وما يتطلب ذلك من تتبع ومواكبة من طرف جميع الشركاء قصد العمل معًا للحفاظ على هذا التراث وتثمينه لدى أجيال الغد.
وشدد الكنسوسي على ضرورة تأهيل مدينة مراكش ومحيطها الخارجي، في سهول الرحامنة والسراغنة وعبدة وغيرها، وعلى مستوى جبال وقمم الأطلس، موضحا أن البرنامج الملكي “مراكش الحاضرة المتجددة” من شأنه أن يضع المدينة الحمراء على سكة التطور العمراني والإشعاع الحضري والحضاري، وتنزيل مشاريعه على أرض الواقع تلبية لخصوصيات المدينة العمرانية والمتراكمة عبر القرون، وتجاوبا مع انتظارات المغاربة.
كما أوضح الكنسوسي، أن تتويج “مراكش كعاصمة للثقافة في العالم الإسلامي، سيشكل فرصة لإبراز المعالم العمراني المتنوعة للمدينة العتيقة، بشقيها السلطاني والشعبي، وعبر تأهيل مواقعها الأثرية من أسوار وصقالات وحمامات وأسواق وفنادق، ومزارات وأضرحة، ومساجد وسقايات، وقباب ودروب وساحات وأزقة ورياضات، ودور وبساتين وأبواب رئيسية وفرعية، مع الحفاظ على ما تتوفر عليه من تراث غير مادي، حضري وإجتماعي إقتصادي وثقافي بيئي.
هذا، وكان إعلان محمد المهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، قد أعلن عقب إختيار مدينة مراكش كعاصمة للثقافة في العالم الإسلامي، من طرف منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة “الإيسيسكو”، أن مدينة مراكش ستعرف على مدار سنة كاملة مجموعة من التظاهرات الثقافية والاحتفالات الفنية، واللقاءات الفكرية، والمبادرات التحسيسية، التي تروم الحفاظ على تنوعها العمراني والسوسيو ثقافي.
ومعلوم، أن ذات التظاهرة، ستعرف بمدينة مراكش “المدينة الحمراء” وبما تزخر به من حضارة روافدها العروبية والأمازيغية والموريسكية والحسانية والعبرية والإفريقية، وأبعادها التاريخية وإشعاع أعلامها المعرفي منذ تأسيسها على مستوى العلوم الشرعية والعلوم العقلية، من جهة، ومساهمتها في مسارات حضارات العالم الإسلامي من نواكشوط وضفاف نهر السينغال، إلى سمرقند وبخاري، ومن تومبوكتو إلى “جاوة” في إندونيسيا، بلد بخور الجاوي وجزر المحيط الهندي.