متحف إيف سان لوران بمراكش: يستعرض دلالات ورمزيات الثعبان في فن الأستراليين الأصليين

مـحـمـد الــقــنــور :

بحضور مجموعة الفعاليات الثقافية، والأوساط الأكاديمية، ورجال ونساء الأعمال، وعشاق الفن، من المغاربة والأجانب، وفي إطار إنفتاحه عن محيطه الخارجي السوسيو ثقافي والفني، يستعرض متحف ايف سان لورون،من 21 يوليو 2023 إلى 28 يناير 2024 فعاليات معرض فني لفن السكان الأصليين الأستراليين حول تيمة الثعبان، ودلالاته السميولوجية والثقافية ورمزيته، وعلاقاته بالحياة والتراث المحلي .

وخلال محاضرة حول فعاليات المعرض، مساء اليوم الخميس 18 يناير الجاري،قدم الباحث والناقد في قضايا الفن والتراث العالمي، جورج بوتي جون، Georges PetitJean أمين عام مؤسسة اوبال Fondation Opale ، عرضا مرفوقا بصور اللوحات التشكيلية المعروضة التي تتمحور حول الثعبان وأنواعه وأدواره الرئيسية،ومدى علاقاته بالأرض والإنسان وبالقيم والأرواح،وبالبقاء والفناء، وبالنماء والدمار، وبمختلف المعتقدات المحلية لدى السكان الأصليين الأستراليين، وأنماط عيشهم، ومجمل الأساطير لديهم.

وأبرز الأستاذ جورج بوتي جون،Georges PetitJean أن رمزية الثعبان تكاد تكون قاسما مشتركا بين أغلب الثقافات حول العالم، غير أنها تتوسع في دلالاتها لدى السكان الأستراليين الأصليين، بدءا من الأرض والعالم المادي، المرتبط بجدور الأرض وأعماق البحار، إلى العوالم العليا والآفاق السماوية التي توحد بين الثعبان والحياة.

كما أبرز بوتي جون، أن الثعبان في ثقافة الماوري السكان الأصليين في أستراليا، يعتبر أحد أهم كائنات الأجداد الأسطورية، حيث يختزل معاني الخصوبة والنماء، وعلاقة الإنسان بالأرض، وبمياه الأمطار وإنسيابات الأنهار وركود البرك وشساعة البحيرات، مما يشكل حلقة وصل أساسية توحد الإنسان والطبيعة، وتربط المادة بالروح،وتحدد منابع الخير والشر حيث قدم لوحات تختزل مدى قوة ثعبان راينبو Rainbow Serpent وحرصه الشديد في الحفاظ على التوازنات البيئية والحياة الإيكولوجية،حيث يتحول إلى قوى تدميرية عندما ينتهك الناس قوانين الأرض.

 

في ذات السياق، وأثناء تقديمه للشروحات حول لوحات الفنانين الأستراليين المنحدرين من السكان الأصليين ، على غرار الفنان “جون ماورندجول”، والفنان “روفر توماس”، والفنانة “إميلي كام كنجواراي”، والممارسين للفن الفطري ضمن أعمال فنية تشكيلية ذاتية التعلم، تلتزم بالبساطة وبالتراث المحلي في الأداء والاسترسال في خيال الصورة، والدلالة، وتستحضرُ الحكايات المحلية والأساطير المتوارثة التي تمزج بين الرؤية الفلسفية للثقافة الأسترالية الأصيلة، وبين مختلف مؤشرات القوة والجمال والحكمة والخلود، أوضح الأستاذ بوتي جون، أن الثعبان يُعتبر من أهم رموز الخيال البشري لدى ساكنة أستراليا الأصليين، لكونه يرتبط بالميثولوجيات وبالروحانيات لديهم.

 

كما يشكل الثعبان  استمرارية الرمزية الثعبانية وتعدّدها، حيث يرمز للقوى الشريرة والضارة من خداع وسحر وإنتقام وشؤم، كما يمكن أن يرمز للقوى الخيّرة والمظاهر النافعة، مما يجعل الثعبان في بعض اللوحات المعروضة بالمتحف،يظهر كحيوان مقدس،سماوي يتجسد في قوس قزح، ويتقمص أرواح الموتى،التي تستمر في البقاء من خلال صورتها الجديدة في هيئة الثعبان الذي يعبّر عن تجدّد حياة الميت، خصوصا، وأنّ الثعابين تجدّد شبابها ولا تموت أبدا، وإنما تتمتع بقدرتها على تغيير جلدها في أوقات معينة، مما يجعلها تتمتّع بالخلود الذي يحُرم منه البشر .

كما أن خروج الثعابين من الشقوق والتجاويف الأرضية ومن داخل القبور، والمغارات أو اتّخاذها للكهوف كسكن لها، يوحي من خلال اللوحات المعروضة بأنّ روح الميت غالبا ما تتقمص شكل الثعبان،لتصبح ألوانه تجسيدا لعظامه ولحمه، ودمه وبشرته، ويوحي لدى هؤلاء الفنانين الأستراليين الأصليين أن تغيير جلد الثعبان يرمز إلى أسرار التجدّد والخلود وهو ما يدفعهم إلى رسمه على أجسادهم وأدواتهم سواء بشكل مستقيم، أو بشكل لولبي يُعبّر عن القوّة والحيوية التي تخرج من الأعماق وتنطلق إلى الآفاق.

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.