إن ذائقة اختيار مدينة مراكش عاصمة الثقافة العربية الإسلامية لسنة2024، ولد من رحم تعيير هذه المدينة العريقة والتي يرجع تاريخها إلى العهد المرابطي، قرابة ألف سنة موسومة بالعراقة الحضارية والتراثية التي بصمت معالم المدينة، وتركت آثارا معماريا متفردا، وزخما فكريا وحضاريا ظل منارا لعهد توهج مراكش انذاك، مما جعل من هذه المدينة محجا وقبلة للأقطاب والفقهاء والمفكرين والتجار والمثقفين والحرفيين والمبدعين من الشعراء والكتاب، والمؤرخين والجغرافيين، والرحالة المتجولين مند قرون، ومقصدا للسياح والمستثمرين لما تميزت به من جنان ورياضات وعراصي جعلتها قبلة لطقوس وفنون النزهة ومحطة فنية عرفت بغنى ورصيد ثلاثي.
فلا غرو، أن تكون لساحة جامع الفناء اشعاعا وفَرادةً وتميزاً يجعلها تصنف ضمن التراث اللامادي من قبل اليونيسكو.
ولعل تسجيل الايسيسكو لمجموعة من العناصر اللامادية المراكشية والمتمثلة في مسجد تينمل ودوره التاريخي والثقافي، وزهرية مراكش، وفن الدقة المراكشية، ونكهة الطنجية، وعبق الأرنج، وفنون العيش ومظاهر التمدن، وما إلى ذلكــ .
وكلها أشغال همت جمعية منية مراكش بإحيائها ،والعمل على ترسيخها عبر تنظيمها لملتقيات سنوية تحيي فيها طقس تقطير ماء الزهر، وتبعث طقوسه الضاربة في عمق الثقافة النسوية المغربية، ومنه إلى الاهتمام بشجر الأرنج، والإحساس بأهميته البيئية وأبعاده الايكولوجية، والحفاظ على جمالية المدينة من خلال الاهتمام بــ “الزنبوع” هذا النوع من الأشجار، وشذى أزهارها المتميزة بفعل الطقس الخاص بالمدينة الذي يعمل على تجويد نوعيتها.
ولعل العمل علي تحضير مراسم تقطير ماء الزهر في نسخته الثانية عشر، يتضمن إشارة قوية من نبض جمعية منية مراكش، كجمعية مراكشية اهتمت بالتراث المادي واللامادي المغربي وعملت على صيانته والحفاظ عليه من خلال ترسيمه عيدا للزهر، واسنتطاقا لحلمه، ومعرفة أفق هذا الحلم، الأمر الذي يوقظ فينا أهمية المدينة القديمة بكل تفاصيلها، والتي تبرز قدسية روحها وبث الحياة في زخم عمرانها وثقافتها وحرفها وكل الصناعات التي عبرت عن أصالة تراثها وهويتها المغربية.
وتبقى كل الاكراهات والعوائق التي تحول دون تحقيق هذا التحدي الحضاري والتاريخي رهينة بعمل كل الشرائح المجتمعية لأجل تنمية شاملة من قبل كل الفئات، والنهوض بمدينة مراكش وبالتالي التهمم بباقي المدن المغربية.