عن دار”لارسه” في فرنسا مؤخرا، صدر كتاب “فصول نسوية” من الحجم المتوسط في 98 صفحة، بترجمة لماجد الخطيب الكاتب والمبدع العراقي المُغـترب في الديار الألمانية، كما أن لوحة الغلاف وتصميمه كانت من أعمال الذكاء الاصطناعي.
ويعرض كتاب “فصول نسوية”، المسرحيات النسوية القصيرة، التي قدمت على خشبة مسرح “بلازينا ليبرتي” في ايطاليا سنة1979 لأول مرة، حيث أدت الممثلة الفنانة المناضلة فرانكا راما أدوار المسرحيات بمفردها، وبمساعدة فقط من زوجها “درايو فو”، الحائز جائزة على نوبل للآداب سنة1997،والذي قام بكتابة نصوص الكتاب وإعداد سينوغراف المسرح.
وتعالج المسرحيات المذكورة ظاهرة الاضطهاد المزدوج الاجتماعي الجنسي والقهر الطبقي، ومختلف أشكال العنف المسلط على المرأة وعلى حياة النساء بين المطبخ والشارع، ومع الأزواج والعائلة والأطفال والكنيسة وفي المصنع، ومختلف أوجه الحياة العمومية. ومن المعلوم، أن هذه المسرحيات عرفت من خلال عروضها صدى شاسع ، وشعبية كبيرة بين النساء والرجال في إيطاليا، وقدمت آنذاك في معظم مسارح المدن الإيطالية الكبيرة، كما تجاوزت آنذاكـ المسارح، إذ جرى عرضها في المصانع والمراكز الاجتماعية والدوائر النسوية، وخصصت مداخيلها لدعم نشاط دور الهيئات والجمعيات المساندة للنساء المضطهدات،والمُعنفات.
إلى ذلكــ ، قدمت الفنانة فرانكا راما أحد هذه العروض على سطح أحد مراكز الدفاع عن حقوق المرأة بالعاصمة الإيطالية روما. هذا، وبعد كل هذه العروض التحسيسية، التي ألهمت النساء الإيطاليات، وحشدت قدراتهن الدفاعية و الترافعية عن حقوقهن المدنية والطبيعية، انتقلت العروض إلى ألمانيا وبريطانيا والسويد، لتخصص مداخيل العروض التي عرفتها مسارح مدينة فرانكفورت الألمانية لدعم السجناء الإيطاليين في السجون الألمانية.
وإرتباطا بذات السياق، فإن هذه المسرحيات رغم كونها تحمل عنوان “فصول نسوية”، إلا أن الرجل حاضر فيها بقوة، من خلال تواجده مباشرة على المسرح، أو عبر صوته على الهاتف أو بواسطة دمية تمثله على الخشبة، وتجسد تواجده، غير أن سطوته الاجتماعية وقوته الجنسية وقيوده المرئية وغير المرئية المفروضة على النساء، تظل حاضرة في كل فصول المسرحيات.
وحول المسرحيات، تؤكد الفنانة الممثلة “فرانكا راما” أن المرأة، على المستوى العالمي، حققت الكثير على طريق تحررها الاجتماعي والاقتصادي، لكن تحررها الجنسي ما يزال يراوح في مكانه تقريباً. وترى أن التحرر الجنسي للمرأة يبقى طوباويا بالنسبة للنساء، لأن الفروق الجنسانية بين الرجل والمرأة ليست تشريحية فحسب، وإنما ذهنية أيضاً. وتشير”راما” أن هناك العديد من الممنوعات والخطوط الحمراء التي تعرقل حرية النساء وكينونتهن، فضلا عن الكثير من العقوبات الاجتماعية المذلة، التي تحول دون هذا التحرر. وتضيف “فرانكا راما” أن امرأة متحررة مثلها تعجز حتى الآن عن ذكر اسم العضو الذكوري في جلسة مع أصدقاء. إن مسرحية “باركني أبي فقد آثمت!” ومسرحية” امرأة وحيدة”، التي شاركت فرانكا راما زوجها “المهرج” داريو فو في كتابتهما، هما من أفضل المونودرامات النسوية التي جرى تمثيلها في ايطاليا في السبعينات من القرن المنصرم، كما ساهمت فرانكا راما في تمثيل العديد من هذه المسرحيات، وخصوصاً “امرأة وحيدة”، التي جمعها الزوجان في كتاب واحد يحمل اسم “فصول نسوية” والذي يتضمن أكثر من 10 مسرحيات ومجموعة من القطع النثرية. كما أن الناقد المسرحي البريطاني “جيليان هانا” ، وصف هذه المسرحيات المذكورة والقصيرة، بأنها “تأدية للأدوار في المرآة”، حيث وصفها بكونها مشاهد يومية تتحدث عن نساء وحيدات، حزينات، بسيطات وبائسات، ومرآه تعكس حياة المرأة في المجتمع الأوربي “المتطور” بنقد تهكمي جارح.
ويظل شريك النساء على خشبة المسرح، ونديمهن، التلفون، أو الراديو، أو التلفزيون، أو متحدث خارج المسرح، أو جارة وهمية في نافذة مقابلة كما هي الحال في مسرحية “امرأة وحيدة”. وتتميز نساء “مسرحيات نسوية” بكونهن نساء مرحات، شجاعات، وواعيات تتأرجح انفعالاتهن بين السخرية المريرة من المجتمع الأوربي الرجولي المتبجح بالانفتاح وبين اليأس الذي يصل إلى حدود الانتحار بقطع شريان الرسغ.
في حين، تتناول مسرحية “سامحني أبي فقد آثـَـمْــتُ !” حياة أم يسارية معتدلة تضطر لخوض التظاهرات الإحتجاجية التي تضعها في مواجهات الشرطة بالشارع العام، في محاولة منها، من أجل إنقاذ ابنها المتطرف من خطر الموت والانجراف في تيار المخدرات والراديكالية.
ومع تطور أحداث المسرحية، تقود الأقدار المتلاطمة بطلة المسرحية، إلى كنيسة ما هروباً من مطاردة وملاحقة رجال الأمن، حيث تضطر بسبب الخوف من الإعتقال والوقوع بيد رجال الشرطة، إلى تقديم اعترافاتها أمام قس وهمي في مخدع الاعتراف داخل الكنيسة، ليس في حقيقة الأمر، سوى شرطي ممن يطاردونها، حيث تقسم المرأة المطاردة أمامه بــ “ماركس ولينين” ألا تقول غير الحقيقة.