الفقيدة نجية الزين امرأة عشقت روح التضامن،فحولت مهنتها إلى رسائل محبة للجميع

مـحـمـد الــقــنـــور :

كانت الفقيدة نجية الزين، إحدى أبرز رائدات الحركة الصيدلانية في مراكش، يحذوها عزم أكيد وحيوية وشغف لا حدود لهما ، في تسخير حسها التضامني الوافر ، وقوتها التواصلية الجارفة، لخدمة روح التضامن مع كل الفئات المراكشية العابرة إلى الفضاء الصيدلاني، والباحثة عن تيسير الاستشفاء والولوج للخدمة الصيدلانية التي ظلت تسكن روحها الطيبة ، وتؤكد شغفها بمساعدة المحتاجين والمرضى والثكالى واليتامى والأرامل وضحايا التشرد والفقر والتهميش .

فقد تعلمت الفقيدة نجية الزين وهي سليلة أسرة عريقة أنجبت علماء وصلحاء، أساليب التكافل،وفن الإنصات لهذه الفئات من والدها ووالدتها، في أجواء عائلية طبعتها الرحمة والسكينة والإحترام لكل إنسان، فعبرت نحو الحياة الاجتماعية الزاخرة بالفضيلة، وهي لم تتجاوز بعد سن الرابعة عشر، كما مكنها ارتباطها بزوجها الأستاذ فوزي بيان، من صقل مواهبها والرفع من قدراتها، ذالكــ ، أن هذا الزوج الطيب شكل مدرستها الحقيقية الأولى ، التي جعلتها تنهل من زخمه الثقافي وشساعة تجاربه الإجتماعية وعمقه المعرفي .

ومهما يكن، فقد استطاعت الفقيدة نجية الزين، يرحمها الله ، ضمن مسارها المهني المتميز، وبفضل شغفها وعزمها، من رفع تحديات هامة، وخاصة العمل على تحويل الفضاء الصيدلاني الى روابط تضامنية علاقات تضامنية على المستويين المهني والانساني، مما اتاح لها الانسجام من جذورها، والنهل من ثقافتها الاصلية التي إكتسبتها من والديها ومن زوجها الأستاذ المميز والمثقف النبيل فوزي بيان .

فقد كانت الفقيدة نجية الزين تستقبل في صيدليتها رفقة زميلاتها وزملائها كل المرضى ورواد الصيدلية سواء من مراكش أو من الواردين على مراكش من مختلف الأقاليم بجهة مراكش آسفي بحفاوة كبيرة، فتفتح أمامهم جميع أبواب المساعدة وتضع بين أياديهم وأياديهن كل منتهى التسهيلات العلاجية الدوائية بشغف وعزم لا يمكن أن يصدران سوى على سيدة تؤمن بديناميتها وعزيمتها ومواظبتها على التكافل والارتقاء بالميدان الصيدلاني والصحي، والمختبراتي ومن أجل الإسهام من موقعها في تحسين الظروف المزرية الصحية للمواطنين في إحترام تام لتلبية حاجياتهم ، والإنخراط في همومهم ، والمشاركة من موقعها في حماية البيئة الصيدلانية وتعزيز التنمية الصحية المستدامة على الصعيد المحلي والجهوي.

وإذ تحل الذكرى الثالثة لرحيل الفقيدة نجية الزين، فإن ذكراها لاتزال تغمركل من تعامل معها بإحساس الفخر والفرحة وعواطف السرور والاعتزاز بالنفس ، لما كانت تقدمه هذه السيدة النبيلة والمهذبة الودودة من أعمال الخير ودرى التواصل من خلال الصيدلية التي كانت تشتغل على مقربة من مستشفى إبن زهر “المامونية” في مراكش، في نكران رفيع المستوى للذات وضمن عمل ميداني من أجل صحة المواطنات والمواطنين.

ثم أن شغفا ظاهرا وملموسا بالطهارة والصدق، كان يميز الفقيدة نجية الزين، وإنسانية لا تخطئها العين، كان يدفعها دفعا حثيثا إلى التطوع وإلى العمل الاجتماعي، وذلكــ منذ نعومة أظافرها، ومن زمن ليس بالقصير، شغف كانت تميزه الطاقة الإيجابية والتصميم على التضامن مع الناس والطموح من أجل تكريس رسالة الصيدلة النبيلة، فلم تكن تدخر يرحمها الله من جهدها ولا من وقتها ساعية ومساعدة نحو النساء والشباب والشيوخ والأطفال ممن يرزحن في وضعيات استشفائية صعبة وكأنها تتحدى بذلك كل أشكال العدمية والخمول، وجميع مظاهر الكسل والتراخي، لتؤكد أن روح المبادرة الإنسانية تظل حجر الزاوية في تحقيق الذات والإهتمام بالآخر ، وهي عبارات طالما كانت تكررها كثيرا في حديثها، وتجزم أن “التطوع والتضامن هو أب الفضائل”، لا سيما حين يحركه الانخراط الجاد والمثابرة وحب العمل مع الناس.

ولم يفت الفقيدة نجية الزين يرحمها الله، في أن تغتنم كلما سنت لها الفرصة، أثناء لقاءاتها العفوية بالإعلام، في أن تشيد بجهود زملائها وربة عملها داخل الصيدلية التي كانت تشتغل فيها، وهي الجهود التي كانت تروم الإسهام، الذي لا يقدر بثمن من أجل تحقيق التنمية السوسيو ثقافية، وفك العزلة عن المحتاجين والمحتجات للأدوية على إختلاف أنواعها وأشكالها .

وإذا كانت ملامح النجاح في حياة الفقيدة نجية الزين ظلت بادية للعيان حتى يوم وفاتها، فإن ذلك لم يأت بمحض الصدفة وإنما كان نتاج لإرادة سيدة عرفت كيف تتجاوز الإكراهات وتتحدى العوائق، لتحقيق الأهداف المنشودة.

فاللهم أرحم الفقيدة نجية الزين، برحمتك الواسعة ، وأدخلها جنان الفردوس الأعلى بغير حساب، في أعلى عليين، مع النبيئين والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولائك رفيقا، وأحسن عزائك في مصاب زوجها الأستاذ فوزي بيان وأبنائها البررة الكرام، وإنا لله وإنا إليه راجعون،ولله ما أعطى ولله ما أخـــذ.

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.