موسمية سماع مراكش تُزاوجُ بين أسرار العمران وأصداء الروح

مـحـمـد الـقـنــور  :

عـــدســــة : بلعيـــد أعـــراب : 

بندوة حول حاضر المدن العتيقة ومستقبلها بالمغرب، ومواكبة للاحتفال بمراكش كعاصمة للثقافة في العالم الإسلامي طيلة سنة 2024،إنطلقت اليوم الأربعاء 25 دجنبر الجاري، موسمية سماع مراكش للقاءات والموسيقى الصوفية في دورتها الثالثة عشرة والتي ستستمر إلى غاية 27 من نفس الشهر دجنبر تحت شعار”مراكش مقامة لسعادة الروح”.

ومن المنتظر، أن تتيح هذه الموسمية الحالية التي تنظمها جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته، وذلكــ بشراكة المجلس الجماعي لمدينة مراكش ووزارة التعمير والإسكان وسياسة المدينة ، رؤية عميقة للمجالات المعمارية والأبعاد العمرانية الحضارية والإنسانية لمدينة مراكش العريقة، خصوصا وأنها ستلهم مادتها من مقولة الإمام أبي حامد الغزالي “أن النفْسَ كالمدينة”، مما يجعل كنوز مدينة مراكش المعمارية والعمرانية مرآة لعوالم الروح وإنعكاسا للعرفان الصوفي، وصدى للميراث المعرفي، حيث إستحضرت الموسمية المذكورة الآثار الحِكمية لأكابر مشايخ وأقطاب التصوف ورواد الذوق العرفاني من أمثال إبي حامد الغزالي وابن العريف وأبي العباس السبتي وابن العربي ومحمد بن سليمان الجزولي وغيرهم، مما شكل فرصة للتدبر والتفكر والمذاكرات والإنشاد الشعري والألحان الشجية ويبرز للجمهور الطروب معاني التهمم بالكرامة الإنسانية، ضمن تزاوج بين أسرار العمران وأصداء الروح ، تعكسه كل من المحاضرات الأكاديمية الصباحية، والسهرات الفنية الطربية والموسيقية المسائية .

هذا، وتنصب ندوات الموسمية الحالية حول أهمية إحياء تراث المدينة العتيقة، وسبل صيانته، وأليات ترميمه، مع إبراز  مكونات الهوية والحفاظ على التقاليد الهندسية والمقومات الترميمية العمرانية الثقافية والروحية للمغرب، وتفهيمها ومن ثم الاستجابة للحاجة الروحية للجمهور عبر السهرات المسائية الطربية للموسمية، والكشف عن الحكمة المعمارية والعمق العمراني الحضاري للمدينة العتيقة، مع تثمين تعاليم كبار مشايخ وأقطاب التصوف عبر التاريخ.

كما تروم دورة سماع مراكش إلى التحسيس بضرورة الحفاظ على السماع الصوفي، والفن الشعبي المراكشي كتراث فني عالمي، ثقافي وروحي، يتيح فرصة مواتية للتأمل ويبرز للجمهور معاني التفكر بالكرامة الإنسانية.

وتطرقت محاور الندوة بمشاركة خبراء ومهندسين معماريين ومختصين عمرانيين، للنظر من جديد في شؤون المدينة العتيقة، ورصد المقومات البنائية بمختلف معالمها العتيقة، من أضرحة ومزارات وفنادق، وطرق ترميمها في إطار المشروع الملكي”الحاضرة المتجددة” ورسم معالم مستقبلها، وإطلاع الحضور على أسرار  التراث المعماري وتمكينه من معرفة أبعاده العمرانية .

في ذات السياق، أبرز الأستاذ جعفر الكنسوسي، رئيس جمعية منية مراكش لإحياء تراث المغرب وصيانته، خلال كلمته الإفتتاحية، أن هذه الندوات العلمية تسعى إلى وضع جمهور موسمية السماع على سكة فهم الوضع الحالي لمراكش المدينة العتيقة التاريخية، كحاضرة مغربية، حظيت بالصيت الواسع سواء داخل المملكة المغربية أو بالمغرب الكبير والشرق العربي، ومختلف قارات العالم، مع الدفع من أجل تقييم سياسات الحماية الخاصة بها، سواء كانت وظيفية ترميمية أو معمارية عمرانية أو اجتماعية وظيفية أو هيكلية خدماتية.

كما أوضح الكنسوسي أن موسمية سماع مراكش فضلا عن اللقاءات العلمية الأكاديمية، شملت فقرات فنية لفنون السماع والإنشاد، والموسيقى الصوفية، قصد تعميق الرؤى التراثية والحضارية حول مدينة مراكش العريقة لدى جمهور الموسمية، وإطلاعه على كنوزها  المعمارية والعمرانية كمرآة لعالم الروح الباطني وكصدى للميراث المعرفي للتصوف وللعمران الأصيل والدافق بالروح والتميز، الذي يطبع مراكش على غرار مختلف المدن المغربية العريقة .

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.