سماع مراكش يكرم عبد العزيز بلقزيز المهندس المدني والخبير بشؤون التراث

مـحـمـد الـقـنــور  :

عـــدســــة : بلعيـــد أعـــراب :

حرصت إدارة موسمية مجالس سماع السماع، المنظمة من طرف جمعية منية مراكش ، تحت إدارة الباحث، والأكاديمي المختص في قضايا التراث المادي واللامادي المغربي الأستاذ جعفر الكنسوسي، على تكريم كل من الفنان عبد الإله الدقاقي، الموسيقي والمادح، تحت أنغام وإنشاد أعضاء مجموعة الزاوية العباسية تحت إشراف الأستاذ محمد عز الدين، والمقدم المنشد وأحد قيدومي المسمعين والمادحين المغاربة أحمد مرينة رئيس الجمعية الدرقاوية الحراقية للسماع بالصويرة، موازاة مع حفل إنشاد لمجموعة الزاوية المصلوحية تحت إشراف المقدم عزيز بݣان، حظي بإعجاب الزخم الجماهيري الذي تابع الحفل موسمية سماع السماع في دورتها الثالثة عشرة بمراكش، كما حول كلام أهل مراكش الموزون لمجموعة  لمعلم عبد الكبير مرشان، ومجموعة منية مراكش للطرب الأندلسي بقيادة الأستاذ  كريم أيت بريك ومجموعه الدقة المراكشية للمعلم أحمد بالمقدم بابا، إلى مشتل للغناء الطربي والفنون الشعبية المغربية الأصيلة.

وخلال تقديمه للسهرة، أبرز الأستاذ جعفر الكنسوسي، أن فن السماع والإنشاد الديني ، يعتبر نوع من الفنون الموسيقية التي تتميز بالألحان الروحية والقصائد الدينية، مشيرا أن هذا الفن له تاريخ طويل وغني في المغرب، لكونه نشأ وترعرع في رحاب الزوايا الصوفية،التي ظلت تصونه من الإضمحلال والإندثار.

 وأوضح الكنسوسي أن فن سماع السماع يعتبر جزءًا مهمًا من الثقافة المغربية الأصيلة حيث تعود منابعه إلى قرون مضت، عندما كان يُستخدم في المساجد والزوايا والمدارس الدينية كوسيلة لتعزيز الروحانية والتقوى، ويقوم على الإنشاد بصوت عذب يتناغم مع الكلمات الروحية من صلوات وإبتهالات وإنشاد، وغالبًا ما يُصاحبه استخدام الآلات الموسيقية التقليدية مثل الدف والبندير بأسلوب “المواويل” و”الأذكار”.على غرار إنشاد الزاوية مولاي عبد الله بن أحساين بتامصلوحت.

وأبرز الكنسوسي ، أن فن سماع السماع يهدف إلى تحفيز الروحانية والتفكر، وتعزيز الارتباط بالله وتدبر الأشعار الدينية، كما يُستخدم لتهذيب النفس وتنقية الروح، مشيرا أن العديد من المهرجانات والفعاليات في المغرب باتت تركز على فن السماع والإنشاد الديني، حيث يجتمع المحبون لهذا النوع من الفن للاستماع إلى الأداءات ومشاركة التجارب الروحية، وأن ما ميز جمعية منية مراكش، عن غيرها، كونها ساهمت في نشر قصائد هذا الفن، وأساليب أدائه، وتكريم رموزه، ووضعه على سكة الإحياء والإزدهار.

وخلال السهرة الختامية الكبرى، لموسمية سماع مراكش، وأثناء تكريم الأستاذ المهندس المدني والخبير بشؤون التراث عبد العزيز بلقزيز، أوضح الأستاذ جعفر الكنسوسي، مدير الدورة، أن المكرم بلقزيز يكشف عن تجسيد سامي لدور المهندس المعماري في ترميم المباني التاريخية والذي يعتبر بالغ الأهمية، ويتطلب مزيجًا من المعرفة التقنية والفهم العميق للتاريخ والثقافة.

وكان المهندس الرائد عبد العزيز بلقزيز، قد تقدم في رحاب مقر جمعية منية مراكش ، بحي الجبل الأخضر، المدينة العتيقة،خلال الشق الأول من الندوة الموضوعاتية بعرض علمي إعتمد على معطيات ميدانية وخصوصية هندسية دقيقة، حول طرق إصلاح المباني التاريخية في إطار المشروع الملكي الحاضرة المتجددة بقيادة جلالة الملك محمد السادس، موضحا أن هذا المشروع كان نموذجا أساسيا ورهانا عمرانيا لحاضر ومستقبل مدينة مراكش العتيقة و باقي المدن العريقة بالمملكة.

وأشار بلقزيز أن المهندس المعماري يبدأ بتقييم الحالة الحالية للمبنى، بما في ذلك هيكله العام، ومواد البناء الأصيلة المستخدمة، وحصر الأضرار التي لحقت به بمرور الزمن، على غرار فندق مولاي بوبكر وفندق صالابان، وخزائن ومطمورات مرس السلطان سيدي محمد الثالث بن عبد الله بحي جنان العافية في مراكش، حيث يقوم المهندس بدراسة التاريخ والعمارة الأصلية لضمان أن الترميم يتوافق مع الماضي، مؤكدا، أن هذا الحصر يتيح وضع خطة ترميم دقيقة، تحافظ على الطابع الأصلي والهوية الثقافية للمبنى ، وتضعه لتأدية مهامه الأساسية، التي أسس عليها أول مرة..

كما أضاف بلقزيز، أن المهندس يقوم بإعداد خطط تفصيلية تشمل جميع جوانب الترميم، بدءًا من الإصلاحات الهيكلية ووضع الهياكل الخشبية والدعامات المحورية، ووصولاً إلى التفاصيل الدقيقة للزخارف والتشطيبات، ووضع ورق الزفت،ودك التراب المخلوط بالجير، ليتأكد المهندس بعد ذلكــ ، من نجاعة استخدام مواد تتناسب مع المواد الأصلية للبناء المرمم، أو على الأقل تتوافق معها من حيث المظهر والمتانة، وحتى لايؤثر الترميم سلبًا على جمالية أو آصالة وسلامة المبنى، وتعزيز متانته وسلامة هيكليته الحمائية من الزلازل، مع الحفاظ على جماليته التقليدية.

ولم يستبعد بلقزيز إمكانية عمل المهندس المعماري بشكل وثيق مع علماء الآثار، والمؤرخين، والمختصين في مجال الترميم، وأرباب صنائع المعمار الأصيل،  لضمان أن جميع جوانب الترميم تتماشى مع الأبحاث والمعايير الحالية.

وخلص بلقزيز، أن ترميم المباني التاريخية ليس مجرد عمل تقني، وإنما هو جهد فني وثقافي يهدف إلى الحفاظ على التراث للأجيال القادمة، وأن المهندس يشرف على عملية التنفيذ، ويتأكد من أن الأعمال تسير وفقًا للخطط والمواصفات الموضوعة، وقصد أن يقوم بإجراء التعديلات اللازمة في حال ظهور تحديات غير متوقعة.

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.