يعتبر تشارلز داروين مؤسس نظرية التطور البيولوجي في كتابه ” أصل الأنواع ” الذي ألفه عام 1849. و منذ ذلك الوقت، لاقت النظرية رواجا واسعا في العالم الغربي و أصبح تدريسها إجباريا على أنها إحدى البديهيات. و هذا رغم ظهور إعتراضات على هذه النظرية من طرف علماء في الطب و البيولوجيا و حتى مجالات قريبة. الذين أبرزو نقاط ضعف كثيرة لهذه النظرية نذكر منها على سبيل المثال: 1. النظرية عجزت لحد الآن عن شرح كيف ظهرت أول حياة من “لا حياة” (abiogenesis): حيث جاءت الإجابة بأنها عن طريق الصدفة في بركة كيميائية، وهي الفكرة التي لم تقنع النقاد، و منهم العالم البريطاني فريد هويل Fred Hoyle الذي قال: ” هذا الإعتقاد يشبه أن تقول أن رياحا شديدة مرت على كومة من القمامة فتسببت في إنشاء طائرة بوينغ جاهزة للطيران “. و لحد الآن عجز أنصار النظرية عن تقديم شرح يفسر الأمر علميا. و قد قال مايكل بيهي عالم البيوكيمياء: ” نظرية التطور عجزت عن تفسير من أين جاءت الخلية التي تعتبر كيانا غير قابل للإختزال “.
2. أين الأنواع الوسطى ؟
السجل الأحفوري لم ينجح في إثبات علاقة علمية بين الإنسان و أسلافه.
في ذات السياق، يؤكد العالم فرانسيس هيتشينغ: ” أن السجل الأحفوري يناقض نظرية التطور في الكثير من الأمور “. فمثلا: نجد آخر الحلقة (الإنسان الحالي) و نجد أول الحلقة، غير أن الحلقات الوسطى لا توجد حاليا !
3. غياب الدليل الحاسم:
وعلى الرغم من آلاف الحفريات، لا توجد سلسلة تشرح بما لا يدع مجالا للشك، عملية تطور الإنسان من كائن غير بشري. و قال عالم البيولوجيا جوناثان ويلز: ” الأمثلة التي تعرض لتأييد نظرية التطور، ظهر فيما بعد أنها خاطئة جينيا أو مؤولة بشكل مفرط و بالتالي مضللة “.
4. من أين جاءت الأجزاء الغير قابلة للإختزال؟ irreductible complexity
قال العالم مايكل بيهي: ” هناك أعضاء شديدة التعقيد و في نفس الوقت لا تعمل إلا إذا اكتملت تماما ! مثل العين: فكيف نشرح تطورها تدريجيا ؟ مجرد غياب جزء منها يجعلها دون فائدة. لكي تعمل العين يجب أن تقوم القرنية بكسر الضوء ثم ترسله للعدسة لتكسر الباقي و من ثم تقوم بتركيزه في نقطة محددة داخل الشبكية التي تقوم بتحويل الضوء لرسالة كهربائية تتولى نهايات العصب البصري داخل العين بنقلها، كيف ظهر هذا الكيان المتكامل تدريجيا ؟ لو ننزع منه جزءا واحدا يصبح عديم الفائدة. فهل يعقل أن تكون هناك كائنات بعيون غير كاملة دون فائدة لملايين السنين لكي يتمكن لاحقا كائن آخر من تطوير الأجزاء الباقية بهدف الإبصار؟ “.
5. كيف جاء التكاثر ثنائي الجنس ؟
أثارها عالم البيولوجيا الفرنسي بيار بول غراسيي حيث قال: ” لحد الآن لا تملك نظرية التطور شرحا لكيف ظهر كائنان مستقلان لكنهما في نفس الوقت متكاملان ! (ذكر و أنثى) و يجب أن يظهرا في نفس الوقت و كل منهما يحتاج الآخر في نفس الفترة و إلا مصيرهما الإعدام “.
6. كيف تتوالى ملايير الطفرات المفيدة ؟
التطور يقول أن الطفرات الجينية هي التي تتسبب في تحولات الكائن ، لكن الطفرات الجينية عموما تكون ضارة و ليس نافعة ، فكيف تتوالى ملايير الطفرات النافعة إلى غاية ظهور كائن معقد مثل الإنسان ؟ و قد قال عالم الرياضيات دافيد بيلينسكي : ” الإيمان دون دليل بتتابع ملايير الإحتمالات النافعة، دون احتمال واحد ضار يقضي على السلالة، هو أمر ترفضه الرياضيات و المنطق “. و قال الفيلسوف توماس نايجل : ” هذه النظرية فيها إعتماد مبالغ فيه على الصدفة، إنها نظرية تحتاج الإيمان بإله إسمه الصدفة “.
7. النظرية أقرب للعقيدة منها للعلم:
النظرية تحدثت عن أمور عجز العلم عن إثباتها، مما يجعلها أقرب للعقيدة منها لنظرية علمية صارمة. و كثير من الناقدين يرون أن التطور لا يرقى لكونه نظرية علمية بل مجرد مشروع فلسفي لإقصاء الخالق، حيث يحمل أبعادا إيديولوجية مريبة. و كما قال الفيلسوف كارل بوبر: ” العلم يجب أن يكون قابلا للإختبار و التكذيب، و هذا ما تفتقده هذه النظرية التي يروج لها دون أدنى دليل قاطع “. و قال عالم البيولوجيا مايكل دانتون: ” داروين كان جد عاطفي و متعصب ضد مبدأ الخلق و قد أظهر ذلك في العديد من كتاباته مثلا حين قال لا يمكنني بأن أؤمن بإله قاس يسمح للدبابير بإلتهام يرقات الحشرات الأخرى “.
و لكن مع الوقت، أصبحت النظرية جزءا من الفكر الغربي الحديث، و أي نقد لها ، حتى في الوسط الأكاديمي، يعتبر أمرا غير مقبول.
وهكذا فإن الإنسان العادي ينتابه إنطباع أن هناك نوعا من التعصب بمحاولة فرض هذه النظرية، مما يجعلها إيديولوجية لاإيمانية و ليس نظرية علمية.
و قد أبرز ريتشارد دوكنز : ” داروين جعل من الممكن أن تكون ملحدا بشكل فكري متماسك ، فهذه هي النظرية الوحيدة التي أبعدت الخلق الإلهي و حررتنا من الدين ” ، و أضاف : ” النظرية السابقة عن -وجود البشر منذ الأزل- لم تقنع الكثيرين، لأن ذلك يقتضي حاليا وجود ملايير من البشر، لكن التطور فتح بابا جديدا من أجل إقصاء الخالق “.