محطة القطار بعرصة المعاش، خطوط حديدية وشمت ذاكرة مراكش

هاسبريس : 

كانت محطات وتوقفات القطار القديمة في مراكش، منذ سنة 1920، تقف شامخة وسط معظم شوارع المدينة، عنوانا على سلاسل متوهجة من الرحلات نحو الدار البيضاء، ورمزا للعديد من الوداعات الساخنة، واللقاءات السعيدة، وكانت هذه التوقفات والمحطات بمبانيها الحجرية العتيقة، ومصاطبها الخشبية، الذي تآكلت أطرافها بفعل الزمن، وإستمرارية الفصول، وتعاقب الحرارة والبرودة، وكأنها كانت تحمل بين شقوقه قصص المسافرين والمنتظرين على حد سواء، وتسرد حكايات الذين مروا من هنا، تاركين وراءهم ذكريات محفورة في خشباتها.

كما كانت تصطف مقاعد خشبية معدودة على رؤوس الأصابع في داخل كل هذه التوقفات والمحطات، وقد بهت لونها بفعل السنوات الطويلة، الساعة الكبيرة المعلقة في منتصف القاعة، بأرقامها الرومانية الممسوحة جزئيًا، كانت تراقب الزمن بصمت، وكأنها تحاول الاحتفاظ بلحظات لا تُنسى.

على الرصيف، يمتد السقف الحديدي بميلانه المتوسط ، والذي يقي المسافرين من المطر في الشتاء ومن الشمس في الصيف. قطارات البخار كانت تمر في الماضي، تاركة وراءها سحابات بيضاء تتلاشى في الهواء قبل أن يختفي صوت صافرتها في الأفق.

إنها أكثر من مجرد محطة؛ إنها بوابة تربط الماضي بالحاضر، حيث تتشابك أحلام المسافرين مع رائحة الحديد والحنين. هل تريد إضافة تفاصيل معينة إلى هذا الوصف؟ يمكنني أن أجعلها أكثر تشويقًا!

في يوم السبت 20 ماي 1920 دخل القطار الى مراكش .. كان يوما استثنائيا عند المراكشيين الذين تجمهروا لمعاينة هذا العجب الذي تهتز الأرض من تحته وذلك الصوت الذي يمزق أشلاء الصمت.
 Maurice Calas كان هو من تولى قيادة القطار . بقي في عمله حتى تقاعد سنة 1932 .
لم يتم الشروع في نقل الركاب بهذا المقطع سوى في نونبر سنة 1928 . فيما تم الانتهاء من تعبيد الطريق الحالية الرابطة بين البيضاء ومراكش سنة 1929 .
محطة القطار الاولى اسست سنة 1923 . أما المحطة الجديدة فانجزت سنة 2008 على مساحة 25000 متر مربع ، كما تم في سنة 1934 ربط مراكش و تونس بخط حديدي مباشر .

كما تم ربط المحطة بمعامل المصبرات والزيتون وبمتودعات الغلال والخضروات والفواكه التي كانت نشيطة بالحي الصناعي في دوار العسكر القريب من حي جليز، حتى أن بعض الخطوط السككيية بهذه الأمكنة إلى حدود نهاية العقد الأول من القرن الحالي.

كانت كذلك محطة قريبة من جبل جليز ومنها ينشط قطار خاص بنقل أحجار جليز المعدة للبناء الى مناطق مختلفة بالمدينة .
وكان القطار يمر من مدار الحامية العسكرية لمداراة “بئر انزران”الحالية، والمحادية لشارع عبد الكريم الخطابي شرق ثانوية للا مريم ثم ، نحو شارع المنصور الذهبي، وراء المركز الرئيسي للبريد، ثم ساحة الحارثي مرورا من نافورة البردعي الى يسار شارع شارع مانجان سابقا، المعروف حاليا بشارع مولاي الحسن الأول، حيث تتواجد ثانوية مانجان التي تحمل نفس الإسم، والتي ستعرف بثانوية إبن عباد لاحقا ، ليتوقف أحيانا في مكان دار البارود “التي كانت تعرف آنذاكــ ، “قشلة ساليكان” لكونها كانت ثكنة عسكرية تسمى Camp sénégalais  .

كان  ثم يواصل القطار سيره مارا من قرب محطة لاساتيام بجامع الفناء ووصولا الى مكان ثانوية ابن البناء المتواجدة حاليا بعرصة المعاش ، كمحطة نهائية.

هذا، ويعود تاريخ السكك الحديدية في المغرب ، إلى سنة 1887، عندما قدمت الحكومة البلجيكية مشروعًا لإنشاء أول خط سكة حديدية ضيقة في المغرب، تربط بين القصر وحديقة أكدال في مكناس.

خلال فترة الحماية الفرنسية، توسعت شبكة السكك الحديدية، حيث تم بناء خطوط سككية ضيقة بين 1912 و1935، لنقل القوات العسكرية، والموارد الطبيعية من منتوجات فلاحية وخامات المعادن، خصوصا الفوسفاط .

 وكانت هذه الشبكة تعتبر من أكبر الشبكات في إفريقيا، بطول إجمالي يزيد عن 1700 كم. لاحقًا، تم تطوير شبكة السكك الحديدية القياسية، حيث تأسست شركة السكك الحديدية في المغرب عام 1920، وتم بناء خطوط رئيسية مثل الدار البيضاء – مراكش وطنجة – فاس.

بعد استقلال المغرب عام 1956، تم دمج الشركات السككية في مؤسسة واحدة، وهي المكتب الوطني للسكك الحديدية (ONCF)، الذي تأسس عام 1963، وأصبح مسؤولًا عن تطوير وتوسيع الشبكة السككية في البلاد

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.