المُخارق يفتح النار على الحكومة،ويصفُها بالمُمالِئة للبورجوازية وأرباب العمل
هاسبريس :
إعتبر الميلودي المخارق الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، في كلمته التي ألقاها اليوم الإثنين فاتح من مايو الحالي، بمناسبة العيد العمالي العالمي الطبقة العاملة المغربية ,بكل مكوناتها المهنية والقطاعية والمؤسساتية عمالا مستخدمين,موظفين,أطرا..نساء ورجالا من مختلف الأعمار والأجيال والأقاليم والجهات، أهم قوة اجتماعية منظمة، وقابلة للتنظيم، الحاملة لمشروع مجتمع بديل، خـال من الاستغـلال والقهـر الطـبقي، مجتمع ديمقراطي حداثي عادل ومتوازن… تسوده الحـرية، يضـمن احـترام حـقـوق الإنسان , و في مقـدمـتها الحريات النقابية… تتحـقق فيه العدالة الاجتماعية والتوزيع العادل لثروات البلد، وينعـم فيه جـميع المواطنين بالكرامة الإنسانية وبكافة حقوقهم وحرياتهم التي تضمنها المواثيق الدولية و القوانين الوطنية، وعلى رأسها الدستور المغربي.
وأشار المخاريق ، أنه ليس صدفة، أن تخلد الطبقة العاملة المغربية ,تحت قيادة الإتحاد المغربي للشغل، فاتح ماي، هذه السنة تحت شعار : ” سنبـقى ملتزمين بقضايا الطبقة العاملة المغربية ، سنظـل معبئـين للـدفـاع عن مطالبها و حـقوقها “وإنما لكونه شعارا جاء نتيجة تقييم عميق ودقيق وشامل لتجربة سياسية اجتماعية كارثية بامتياز، دامت خمس سنوات،واليوم , تدل كل المؤشرات على استمرار نفس السياسات الحكومية المعادية للعمال والعاملات , ولحركتهم النقابية الحرة والمستقلة.. وأكبر دليل على دلك، التصريح الهزيل للحكومة الحالية.
وأبرز المخاريق ان شعار فاتح ماي هّذا العام , هو بمثابة رسالة واضحة مفادها أنه، مهما كبرت الصعاب والعوائق، وتعددت المؤامرات والدسائس، وكثرت التحديات، فان الاتحاد المغربي للشغل، ستبقى وفيا لهويته ومبادئه، وملتزما بقضايا الأجراء والجماهير الشعبية، التي وصفها بالدائمة التعبئة من أجل حاضر ومستقبل الطبقة العاملة المغربية.
وشدد الميلودي المخارق الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل، على تعهد وإلتزام النقابة المعنية بمبادئها ، معلنا للحكومة ولأرباب العمل وللسلطات، أن الاتحاد سيظل مستعدا لكل الاحتمالات، قوي الإصرار والعزم على مواصلة النضال الإجتماعي السياسي, دفاعا عن قضايا الأجراء و الفئات الشعبية،وعن مطالبهم وحقوقهم…
ولم يفت الميلودي المخارق التذكير بكون احتفالات فاتح ماي هذه السنة تكتسي طابعا خاصا، حيث تصادف تعيين حكومة جديدة قديمة على حد تعبيره، تشكلت بعد مخاض عسير, نتج عنه فراغ حكومي دام نصف السنة، وذهب ضحيته عاملات وعمال تعرضوا للتسريح ولتقليص ساعات العمل وإغلاق المقاولات.
وإنتقد المخارق الحكومة السابقة بكونها صادرت طيلة خمس سنوات، حق الحركة النقابية المغربية في الحوار الاجتماعي، وهو الحق الذي تضمنه المواثيق والعهود الدولية، ويحميه الدستور المغربي، متسائلا فيما إذا كانت حكومة العثماني ستستخلص الدروس والعبر، وتصحح ما أفسدته الحكومة السابقة، التي أبدعت في عدائها للطبقة العاملة المغربية ولحركتها النقابية المستقلة مختلف صنوف الحقد ، مما دفع بالإتحاد المغربي للشغل، إلى تحمل مسؤوليته التاريخية من جديد، إدراكا منه كما ذكر المخارق أن جوهر الخلاف النقابي الحكومي سياسي بامتياز.
إلى ذلكــ ، وصف الميلودي المخارق الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل ما نعثه بالتناقض الصارخ للتصريح الحكومي الجديد الذي يؤكد أن “نجاح التجربة الحكومية يتطلب تكريس الديمقراطية المواطنة والتشاركية، ومبادئ الحكامة الجيدة.. وتمتين الإرادة الجماعية لمختلف المؤسسات والقوى الوطنية الحية” , مشيرا أن سعد الدين العثماني رئيس الحكومة الجديد يسير على نفس نهج سلفه، حيث نص في برنامج حكومته على “مواصلة الإصلاحات الهيكلية، وتعهد باستكمال ما تبقى من الإصلاحات، باعتبارها رصيد ينبغي تعزيزه، وبالعمل على المحافظة على التوازنات المالية والماكر واقتصادية .
وإستفسر المخارق عن أية إصلاحات يتحدث رئيس الحكومة ؟ ملمحا أنها تلك التي اتخذتها الحكومة ضدا على مصالح الطبقة العاملة وعموم الفئات الشعبية .
وذكر المخارق أن رئيس الحكومة اختارعن وعي ,وبشكل ممنهج, عدم إجراء أية مشاورات قبلية مع الحركة النقابية خلال إعداد التصريح الحكومي، في حين عقد لقاء مسبقا مع ممثلي أرباب العمل، وانصاع لنزواتهم، وهو ما إعتبره الاتحاد المغربي للشغل مؤشرا سلبيا دالا على استمرار نفس المقاربة اللاديمقراطية/الإقصائية تجاه الحركة النقابية المغربية .
وأوضح الأمين العام الميلودي المخارق أنه ليس من عادات الإتحاد المغربي للشغل أن يصدر أحكاما مسبقة، أو يقوم بقراءة نوايا أية حكومة قبل أن يتلمس ويحتك بأفعالها وانعكاسات قراراتها وإجراءاتها على واقع ومستقبل الطبقة العاملة المغربية والجماهير الشعبية ، قبل أن يصف التصريح الحكومي الجديد بكونه واضح في توجهاته المعادية للعمال وللحركة النقابية، لكونه حيث يستهدف تفكيك مدونة الشغل المتوافق عليها بين الدولة وأرباب العمل والحركة النقابية.. وذلك استجابة لدعوات وضغوطات أرباب العمل المطالبين بمنحهم حرية التصرف والتحكم في علاقات العمل والاستخدام , والتسريح الفردي والجماعي للأجراء , دون قيد او شرط , تحت يافطة المرونة في الشغل ، ومن اجل إدخال المزيد من الهشاشة في الشغل. وإخراج القانون التنظيمي للإضراب والذي وصفه بالتكبيلي، وإعداد القانون المتعلق بالنقابات المهنية, أي التدخل والتحكم في الشؤون النقابية، ومواصلة التخلي على صندوق المقاصة برفع الدعم تدريجيا عن باقي المواد الأساسية, مما سينتج عنه مزيدا من ضرب القدرة الشرائية لعموم المواطنين.
وأبرز الميلودي المخارق الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل أن من خلال التصريح الحكومي الجديد، يتضح جليا أن الحكومة الحالية تفتقد لنموذج تنموي مستدام قادر على إخراج المغرب من أزمته الهيكلية والبنيوية العميقة..
كما أشار إلى أن الإجراءات والتدابير الواردة في البرنامج الحكومي ستعمل على تعميق تبعية اقتصادنا للخارج , وإخضاع البلاد لتعليمات ووصفات صندوق النقد الدولي والبنك العالمي.. حيث تسعى الحكومة الجديدة بالدرجة الأولى إلى الحفاظ على التوازنات المالية والماكرواقتصادية، على حساب التوازنات الاجتماعية والمجتمعية والاستقرار، والتماسك الاجتماعي.. مما يعني أنها ستنتهج سياسة التقشف السيئة الذكر ذات الانعكاسات الخطيرة والمدمرة على الاستثمار العمومي. وعلى الاقتصاد الوطني والمجتمع بكامله .مما سيؤدي إلى تفاقم الفقر، وارتفاع معدلات البطالة، والزيادة في الضرائب، وارتفاع الأسعار، وتجميد الأجور، وتدني القدرة الشرائية للمواطنين، والهجوم المعادي للعمال , ولحركتهم النقابية،باعتبارها , في نظرهم , الإطار المعرقل والمعيق لتحقيق أهداف البورجوازية.
ولم يستبعد المخارق في أن ترصد الحكومة الحالية أموالا عمومية طائلة لفائدة البرامج والمبادرات التي تروج لها، وذلك تحت مبرر تشجيع الاستثمار والمقاولة، وتوفير الشروط الملائمة لإنتاج الثروة،ومواجهة التنافسية الخارجية، وحل معضلة البطالة والفقر… مما إعتبرهُ كلام حق يراد به باطل. لأن الرابح الوحيد من كل هذه التمويلات الخيالية، التي تأتي غالبا من الضرائب التي يدفعها الشعب المغربي، هم الأثرياء والمحظوظين المستفيدين من الريع والامتيازات والإتاوات التي تحول لهم , بسخاء من طرف الحكومة.
وحذَّر الميلودي المخارق الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل الحكومة والتي كان ينعثها بالجديدة القديمة من أن اختياراتها التي ستعمق الهوة بين مغرب المستفيدين من الثروات، ومغرب الفقراء والمهمشين، مغرب “الحكرة”.. وأن هذه التمايزات الاجتماعية والتفاوتات الطبقية العميقة أصلا، تحمل في طياتها بوادر توترات اجتماعية، في ظل استمرار الانتهاكات الجسيمة التي تطال الحريات والحقوق النقابية والعمالية التي تقع أمام أعين السلطات الحكومية والعمومية، بل بتواطؤ مكشوف معها. لدرجة أصبح فيها العمل النقابي يعرض مسؤولي وممثلي الاتحاد المغربي للشغل إلى مخاطر ومآسي لا تحصى, في جميع القطاعات الإنتاجية والجهات، حيث يصبحون حسب تعبيره عرضة للملاحقات والمحاكمات والطرد، فقط لتأسيسهم لمكتب نقابي ،أو مطالبتهم باحترام مدونة الشغل، و الحرية النقابية والكرامة العمالية. وفي كثير من الحالات ,تصدر في حقهم أحكاما قاسية بمقتضى أحكام الفصل 288 المشؤوم الذي كان يستعمله المستعمر لتجريم ممارسة العمل النقابي .
وأفاد المخارق إن المشغلين وأرباب العمل يضغطون اليوم على الحكومة من أجل مراجعة مدونة الشغل، رغم كونهم هم الذين طالبوا بها طيلة الثمانينات والتسعينات، مما يوضح أن الباطرونا تطالب في الحقيقة بالرجوع إلى قانون الغاب عبر كراء الخدمة، وسوق شغل يحكمه منطق “الموقف”، وتسعى إلى شرعنة السيبة الاجتماعية السائدة أصلا في العلاقات المهنية. شرعنة قانون القوة ضدا على قوة القانون، مستفيدة من عدم تدخل الدولة لفرض قوة القانون في أماكن العمل.
وذكر الميلودي المخارق الأمين العام للاتحاد المغربي للشغل ، الحكومة الحالية أن حق الإضراب لم يأت هبة أو منة من أحد، بل انتزعته الطبقة العاملة المغربية انتزاعا عبر نضالات مريرة. وهو حق تحميه المواثيق والعهود الدولية، وتضمنه مختلف الدساتير المغربية منذ عام 1962، وتعتبره أحد الحقوق الأساسية للحركة النقابية. ويعلن انه سيواصل مواجهة كل المحاولات الرامية إلى تكبيله وتجريمه، ويطالب بإخراجه من قبة البرلمان، وإعادته إلى طاولة الحوار الاجتماعي مع الحركة النقابية، انسجاما مع التوجيهات الملكية التي أكدت على ضرورة أن يخضع القانون التنظيمي لممارسة حق الإضراب للحوار والتوافق بين الأطراف الثلاثة التي هي الحكومة وأرباب العمل والنقابات.
كما نبَّه المخارق، سعد الدين العثماني رئيس الحكومة الحالية ووزرائه على أن الحوار الاجتماعي شكل نقطة خلاف جوهري مع الحكومة السابقة، وإن الخلاف النقابي الحكومي حوله عميق، لكونه يتعلق أساسا بمفهوم ومضمون الحوار الاجتماعي، ومؤكدا على أن الإتحاد المغربي للشغل يرفض تزكية الحوارات الشكلية، ويطالب بإجراء حوار يدور حول ملفات وقضايا مضبوطة، قصد بلوغ أهداف محددة، تكمن في التوصل إلى اتفاقات ملزمة لمختلف الاطراف الموقعة عليها ومطالبا رئيس الحكومة بالاستجابة لتوصية لجنة تقصي الحقائق البرلمانية، وذلك بتجميد الإصلاحات المقياسية للتقاعد، وإعادة الملف لطاولة الحوار الاجتماعي .