ثمود، حضارةٌ إعْتَدَت ثم بَادَتْ
حكاية المدينة التي مر عليها الرسول”ص” فغطى رأسه بردائه
محمد الـقـنــور :
ثمود هي ليست مجرد قصة لمدينة وشعب كانا ولم يَعُدا، هي في الواقع حكاية حضارة سادت ثم بادت ، إنقرض سكانها، ولكن بقيت معالمها شاهدة ، وقائمة تحيط بها مئات الألغاز والأسرار ، وتنصبُّ حولها العشرات من التحليلات التاريخية والتنقيبات العلمية ، التي تحاول جاهدة تقصي ماضي هذا الشعب وكيفيات عيشه ، ومعالم هذه الحضارة من خلال ما خلفته من قصور وقلاع، من منازل وطرقات ، من أبار وحظائر مواشي ، من أسوار وأسرار، من نمط عيش لاتزال تشهد عليه الحفريات المرتبطة بها، ،كدلائل تترجم هول ما تعرضوا له من كارثة عقابية إلهية ، تؤكدها كل الكتب السماوية، وتكشف صدقها الدراسات الحفرية العلمية .
إنها قصة شعب ثمود الذي أسس مدائن صالح والتي تعرف حاليا بمدينة الحِجْر، على مستوى تراب المملكة العربية السعودية هي موقع أثري يقع في شمال غرب المملكة العربية السعودية وتحديداً في محافظة العُلا التابعة لمنطقة المدينة المنورة.
تحتل مدينة المدائن أو مدائن الحجر، أو ثمود موقعاً إستراتيجياً على الطريق الذي يربط جنوب شبه الجزيرة العربية بالعراق بلاد الرافدين وبلاد الشام ومصر، مما يعني أن شعب ثمود كان شعبا قويا على المستوى الحضاري والثقافي، كما حظي بشهرة تاريخية استمدّها من موقعه على طريق التجارة القديم الذي يربط جنوب شبه الجزيرة العربية بالشام من جهة، وبمصر وبلاد الحبشة واليمن من جهة ثانية .
فمدينة الحجر هو الاسم الذي لايزال يطلق على ديار شعب ثمود بوادي القرى بين المدينة المنورة ومدينة تبوك في المملكة العربية السعودية حاليا.
وقد ورد ذكر الحجر في القرآن على أنها موطن قوم ثمود، الذين لم يستجيبوا لدعوة نبي الله صالح عليه السلام ،وكان صالحا نبيا عربيا قبل الرسول الأعظم بمئات السنين، ثم وقتلوا الناقة التي أرسلها الله لهم آية فأهلكهم تعالى بالصيحة.
والآن، تعد مدائن صالح من أهم حواضر الأنباط بعد عاصمتهم البتراء،على أساس أن شعب ثمود هو شعب نبطي، إذ تحتوي على أكبر مستوطنة جنوبية لمملكة الأنباط بعد البتراء في الأردن، والتي تفصلها عنها مسافة 500 كم، ويعود أبرز أدوارها الحضارية إلى القرنين الأول قبل الميلاد والأول الميلادي، وذلك خلال فترة ازدهار الدولة النبطية وقبل سقوطها على يد الإمبراطورية الرومانية عام 106م، ويُعتقد أن مدينة الحِجْر استمرت في حضارتها حتى القرن الرابع الميلادي، وكانت عاصمة مملكة لحيان في شمال شبه الجزيرة العربية.
وتضم آثار مدائن صالح 153 واجهة صخرية عملاقة منحوتة، كما تضم عدداً من الآثار الحديثة الإسلامية والتي تتمثل في عدد من القلاع وبقايا خط سكة حديد الحجاز والتي تمتد لمسافة 13 كليومتر، وبقايا المحطة والقاطرات. لدرجة أنه في سنة 2008 تم تسجيل الموقع ضمن قائمة مواقع التراث العالمي، ليصبح بذلك أول موقع يتم تسجيله في العربية السعودية. كما يوجد موقع أثري آخر يعرف بمدائن شعيب وهي “مدين” الوارد ، نسبة إلى النبي شعيب عليه السلام ، وهو بدوره نبيا عربيا ورد ذكره في القرآن الكريم ،أرسله الله إلى شعب مدين الوارد ذكرهم في القرآن الكريم وفي الكتب القديمة ، تحت إشارة “أصحاب الأيكة” وتقع مدين شمال غرب مدائن صالح بمنطقة تبوكـ ، حيث لاتزال تحتوي على مواقع أثرية تشبه تلك الآثار المتواجدة بمدينة البتراء في بادية الأردن .