إنطلاق المهرجان الدولي لتبادل الثقافات بمراكش
مـحـمـد الـقـنـور :
إنطلقت اليوم الجمعة 05 ماي الحالي بمدينة مراكش فعاليات المهرجان الدولي لتبادل الثقافات، تحت شعار: المغرب بلد التسامح و الحوار والتعايش بين مختلف الثقافات والأديان، المنظم من جمعية مولاي علي الشريف للثقافة والتراث والتنمية.
وحسب المنظمين ، فإن هذا المهرجان يروم التعريف بتاريخ المغرب في تعزيز الحوار بين الحضارات، واحترام التنوع الثقافي، والتزامه بالمعايير الدولية المتقدمة انطلاقا من رصيده التاريخي المتنوع والعريق للمملكة، واستنادا على خصوصية وهوية الدولة المغربية ، المنطلقة من الإنصهار بين مقومات التنوع المنبثقة من الروافد المتنوعة الحضارية العروبية والأمازيغية والموريسكية والحسانية والعبرية والإفريقية داخل بوثقة الوحدة، والتشبث بالقيم الكونية وتبوئ الدين الإسلامي السمح مكانة الصدارة في المرجعية الوطنية، بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار، والتفاهم المتبادل بين مختلف الثقافات وشتى الحضارات الإنسانية…
في سياق مماثل، من المرتقب أن يعرف برنامج هذه الدورة التي ستستمر إلى غاية الخميس المقبل 11 ماي الجاري ، ندوات ومحاضرات علمية سيؤطرها باحثون متخصصون و مهتمون بقضايا التبادل الثقافي وحوار الأديان، بمشاركة جمعيات المجتمع المدني ونساء ورجالات الفكر والثقافة والفن والسياسة والاقتصاد والإعلام، وبحضور ضيوف الشرف من الولايات المتحدة الأمريكية واسيا و أوروبا و إفريقيا.
ومن طريف صنع الأحداث ، فإن مراكش هذه المدينة التي تحتضن المهرجان المعني، باتت تتعرض لأساليب تشويه إعلامية وطنية ودولية تستهدف سمعتها الحضارية، وترمي إلى تحويلها لبؤرة دعارة ،
في تغافل عن كون الله خلق الناس بطباعٍ مختلفةٍ وشخصيّاتٍ متنوعة،وأخلاق متنافرة، منهم القاسي ومنهم لين الطباع، ومنهم الحليم ومنهم المتشدد ، ومنهم الصالح ومنهم الفاسد وغيرهم، ولمّا كان الناس جزءاً من حياة بعضهم، بصفة أنّ الإنسان اجتماعيٌّ بالفطرة لا يستطيع العيش بمفرده فلا بدّ لهم أن يتواجهوا ويتفاعلوا ضمن علاقاتٍ اجتماعيةٍ، وقد يتعاملون بأسلوبٍ قاسٍ أو جارح، بشكلٍ يعكس طبيعتهم وطريقة نشأتهم، ولا بدّ للإنسان من الاتّصاف بالأخلاق الحميدة، والعفو عن أخطاء الناس فيما يُعرف بالتسامح، وهو من الفضائل الإنسانيّة والأخلاق الحميدة التي يُثني عليها الجميع، بما تشمله من طاقةٍ إيجابيّةٍ حتى بحق أولئك الذين أساؤوا، ونسيان الألم والعذاب النفسيّ الذي نجم عن هذه الإساءة، كما أنّه الشعور بالعطف على الآخرين، ورحمتهم وعدم مقابلة الإساءة إلا بالإحسان، والتماس الأعذار لهم يدلّ على عظمة الشخصيّة، فالوضع الطبيعي عند الإنسان في أغلب الأحيان أن ينتقم لنفسه، وأن يغضب وأن ينفعل عندما يضايقه أو يظلمه أحد، لكن المتسامح هو شخصٌ أراد من الله الثواب، وأدرك أنّ الناس بشرٌ مثله يخطئون فعفا عنهم، وتوضح هذا الكلام العبارة الشهيرة “الضعيف لا يمكن أن يسامح، فالتسامح من صفات الأقوياء”.
ومهما يكن، فإن أهمية التسامح ويُعتبر التسامح مطلوباً أكثر في مجتمعاتٍ تتميّز باختلاط أجناسها وتعدّد أديانها، فهي في هذا الوضع أكثر المجتمعات حاجةً للتسامح والغفران، والذي ينبذ العنصريّة، ويدل على اتساع أفق فكر الإنسان ورحابة صدره، فالمختلف عنه ليس بالضرورة غريباً أو غبياً، أو مدعاةً للسخرية، أو أن يكرهه الناس من اللحظة الأولى، فخُلُقُ الاحترام مطلوبٌ في كل الديانات السماوية، ودعا إليه كل الرسل عليهم الصلاة والسلام، كما أنّ الباحث عن الإثارة الماجنة إعلاميا في مراكش وتصيد روائح غرف النوم العطنة يضيع على نفسه فرصة التعرّف على مزاياها الثقافية والروحية وكنه تعدد مشاربها الثقافية الجميلة، والتي غيّرت حياة الكثيرين عبر مختلف الحقب والعهود.
وعلى كل حال ، فإن التسامح ينعكس على الفرد والجماعة بحالةٍ نفسيةٍ صحيةٍ لا تعرف الحقد أو الغضب أو العنف، ممّا يعود على المجتمع بالخير من خلال تماسكه وتجنيبه لكافة أشكال الدمار والحروب والصراعات والاضطرابات التي قد تفتك بأفراده. ومما يجدر ذكره أنّ للتربية دورٌ مهمٌ في إنتاج أشخاصٍ متسامحين، فالأهل الذين حرصوا على زرع أفكارٍ عنصريّةٍ وحاقدةٍ في نفوس أبنائهم من الصغر لن يحصدوا إلا أشخاصاً مريضين في شخصيّاتهم وقلوبهم وسلوكيّاتهم، وبالتالي يلحقون الأذى بمن حولهم، أمّا الأهل الذين ربّوا أبناءهم على الاحترام والأخلاق وفعل الخير ونسيان السيء ممّا مر بحياتهم لا بدّ أنهم سيحصدون جيلاً واعياً، يبني المجتمع ويقويه، ويطوّره ولا يلتفت إلى العيوب أوالإساءة للمحيط .