أية حماية للعاملين في القطاع الجمعوي بالمغرب ؟ ‏

مـحـمـد الـقـنـور : ‏
عدسة : محمد أيت يحي :

 

في إطار برنامج‎ ‎دعم‎ ‎المجتمع‎ ‎المدني‎ ‎بالمغرب‎ CSSP ‎بشراكة مع جمعية النخيل، والممول من قِبل الوكالة  الأمريكية‎ ‎للتنمية‎ ‎الدولية‎USAID‏والمنفذ‎ ‎من‎ ‎طرف‎ ‎كونتربارت‎ ‎أنترناسيونال. الذي ‏يهدف‎ الى‎ ‎دعم‎ ‎ منظمات‎ ‎‎‎المجتمع‎ ‎المدني‎ ‎والائتلافات‎ ‎المدنية‎ ‎المنخرطة‎ ‎في‎ ‎مبادرات‎ ‎الترافع‎ ‎من‎ ‎أجل‎ ‎‎مشاركة‎ ‎مدنية ‎واسعة‎ ‎بالشأن‎ ‎العام‎ ‎‎‎و‎قصد ‏‎اعداد‎ ‎تتبع‎ ‎وتقييم‎ ‎وتنفيذ‎ ‎السياسات‎ ‎العمومية، نظمت جمعية النخيل المنتدى الوطني حول موضوع ‏‎ ‎‎”‎الحمايـة ‏القانونية‎ ‎والاجتماعية‎ ‎للعاملين ‏الجمعويين ، ‏مؤخرا بمقرها في مراكش، بحضور ممثلين عن وزارة ‏الاسرة والتضامن والمساواة ‏والتنمية‎ ‎الاجتماعية، و‎ ‎‎الوزارة‎ ‎المكلفة‎ ‎بالعلاقة‎ ‎مع‎ ‎البرلمان‎ ‎والمجتمع‎ ‎المدني،‎ ‎‎وزارة الداخلية، و ‏وزارة الصحة، وزارة التشغيل، ‏ووزارة المالية، و وكالة التنمية الاجتماعية، التعاون‎ ‎الوطني، ‏‏ومنتخبين ومنتخبات وأطر بالجماعات‎ ‎الترابية‎ ‎‎الشريكة‎ ‎، ونواب‎ ‎برلمانيون‎ ‎وجمعيات‎ ‎شريكة، و‎ ‎خبراء من ‏الوكالة‎ ‎الامريكية‎ ‎للتنمية‎ ‎الدولية ومن المركز الدولي‎ ‎‎لقوانين‎ ‎منظمات‎ ‎المجتمع‎ ‎المدني .‏
وحسب ورقة تقديمية للموضوع ، فإن يهدف برنامج دعم المجتمع المدني بالمغرب ‏CSSP، الممول ‏من طرف ‏‏الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ، والمنفذ من طرف كونتربارت أنترناسيونال‎ ‎إلى دعم منظمات ‏‏المجتمع المدني والائتلافات المدنية المنخرطة في مبادرات الترافع من أجل ‏مشاركة مدنية واسعة في الشأن العام ‏‏و من أجل إعداد تتبع وتقييم وتنفيذ السياسات العمومية. ‏برنامج دعم المجتمع المدني بالمغرب ‏CSSP‏ ‏يشتغل ‏ مع الفاعلين الحكوميين على المستوى ‏الوطني، الجهوي والمحلي، عن طريق تقوية قدراتهم في ‏مجالات ‏دعم الحوار مع المجتمع المدني ‏والمشاركة المواطنة.‏
وفي هذا الإطار ومنذ انطلاقه في فبراير 2015، يقدم برنامج دعم المجتمع المدني بالمغرب دعمه ‏التنظيمي، ‏‏المالي والتقني لجمعيات شريكة قامت بتطوير مبادرات ترافعية خاصة بالسياسات ‏العمومية، مع اهتمام خاص ‏‏بالمنظمات الوسيطة ‏ISOS‏ والتي تم تمويل مشاريعها مباشرة من طرف ‏الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ‏‏‏(‏USAID‏). وهذا بهدف تقوية قدراتها من أجل تأطير ومواكبة ‏الجمعيات المحلية والجهوية، لتكون نفسها حاملة ‏‏لمبادرات ترافعية في السياسات العمومية على ‏المستوى المجالي الجهوي، والاقليمي، والمحلي .‏
و بالموازاة، يقدم برنامج دعم المجتمع المدني بالمغرب دعما تقنيا للجماعات الترابية الشريكة ‏‏(الدراركة، تمارة، ‏‏فاس، تطوان، أسفي) بهدف إحداث الهيئات الاستشارية للمساواة وتكافؤ الفرص ‏ومقاربة النوع ‏‎(IPECAG)‎‏ ‏‏وإعداد برامج التنمية الجماعية ‏‎(PAC)‎، تنفيذا للقانون التنظيمي ‏للجماعات الترابية ‏‎(113 – 14)‎‏. بالإضافة الى ‏‏دعمه لخمس جماعات ترابية، يقدم البرنامج أيضا ‏دعمه لجهة مراكش أسفي من أجل اعداد استراتيجية للشراكة ‏‏مع جمعيات المجتمع المدني.‏
هكذا، وفي إطار ميثاق للتعاون بين برنامج دعم المجتمع المدني والمنظمات الخمس الوسيطة ‏المستفيدة من دعم ‏‏الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، يوفر البرنامج دعما تقنيا ومؤسساتيا لهذه ‏المنظمات لكي تتمكن من أن تصبح ‏‏مراكز مرجعية في مجال تقوية القدرات للجمعيات في ميادين ‏مختلفة، من بينها الترافع حول السياسات العمومية، ‏‏التخطيط الاستراتيجي، تعبئة الموارد ‏والشراكات، النوع والإدماج الاجتماعي، الحكامة الجمعوية والتتبع ‏‏والتقييم.‏
وتوخى البرنامج تعاونا والتزاما أكبر بين منظمات المجتمع المدني والمؤسسات ‏الحكومية، ‏يهدف إلى تشجيع ‏الحوار البناء والدائم بين مختلف الفاعلين الترابيين، ويسعى إلى إنخراط المنظمات الوسيطة ‏الخمس في نفس هذا ‏‏المسار، مدعومة عند الحاجة بأنشطة البرنامج .‏


كما دخل هذا المنتدى الموضوعاتي حول الحماية الاجتماعية للعاملين الجمعويين، والذي نظم بشراكة ‏مع جمعية ‏النخيل، إحدى المنظمات الخمس الوسيطة، في إطار سلسلة من المنتديات حول قضايا ‏ترافع المجتمع المدني، ‏فجمعية النخيل تتمتع بتجربة مهمة في مجال الترافع حول قضايا النوع ‏الاجتماعي و المساواة بين الجنسين ‏وتكافؤ الفرص في كافة المجالات، من خلال دعم التطبيق الجيد ‏لقانون الأسرة على المستويات القانونية ‏والمؤسساتية والاجتماعية، والحدّ من ظاهرة العنف المبني ‏على النوع الاجتماعي وتعزيز‎ ‎المشاركة السياسية ‏للنساء والمساواة بين الجنسين داخل المجالس ‏المنتخبة، والإشتغال على التمكين السوسيو الاقتصادي للنساء و ‏الشباب في وضعية صعبة.‏
وللإشارة، فقد تم تأسيس جمعية النخيل في سنة 1997 بمراكش، وظلت منذ تأسيسها تعمل على مستوى جهة مراكش ‏أسفي، من ‏طرف مجموعة من النساء المناضلات من اجل المساهمة في تحقيق المساواة بين الجنسين ‏في المغرب،و تسعى ‏الجمعية لتحقيق أهدافها عبر تقديم خدمات للفئات في وضعية صعبة وتقوية ‏القدرات عبر التكوين والتأهيل ‏والتعضيد والمصاحبة والتتبع والتقييم، بالإضافة إلى إعمال المرافعة من أجل تغيير الأوضاع والقوانين المخلة بالمساواة وتكافؤ الفرص ‏ونهج سياسات ‏تنموية محلية ووطنية في أفق تمتع المواطنات والمواطنين بحقوقهم الكاملة‎  .‎
إلى ذلكــ ، يرتبط مفهوم الحق في الحماية القانونية والاجتماعية بجوهر مبادئ العدالة الاجتماعية، كما يعتبر ‏مكونا أساسيا ‏للمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، حيث نصت المادة 22 من الإعلان العالمي لحقوق ‏الإنسان على حق كل شخص ‏بصفته عضوا في المجتمع في الضمانات الاجتماعية، كما أشارت المادة ‏‏23 الى حق كل فرد في وسائل للحماية ‏الاجتماعية.‏
على ذات الواجهة ، نصت المادة 9 من العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية على حق كل ‏‏شخص في الضمان الاجتماعي بما في ذلك التأمينات الاجتماعية.‏
ويشكل هذا الإطار المعياري ثمرة توافق واسع حول قضايا الحقوق والحماية الاجتماعية، وتمت ‏بلورة هذا ‏التوافق على مر السنين، خاصة منذ الأربعينات والستينات من القرن الماضي، حيث ‏تطورت الضمانات ‏الاجتماعية لتتجه نحو “تأمين حد أدنى يكفل الحياة لكل فرد”، وشملت تغطية ‏الاستشفاء والرعاية الصحية ‏بالإضافة الى مختلف الخدمات العائلية. وفي المرحلة الثانية تم رفع ‏مستوى الخدمات المقدمة ووسعت التغطية ‏لفئات أخرى غير مشمولة سابقا، وشهدت النصوص ‏القانونية المرتبطة بالحماية الاجتماعية في العقدين الاخيرين ‏اتجاها نحو مزيد من المرونة في ضمان ‏الحماية الاجتماعية. ‏
غير أن موضوع الحماية الاجتماعية بالنسبة لبعض فئات العاملين، لا تزال بعيدة عن أي اهتمام ‏تشريعي أو ‏تنظيمي محكم، ومن ضمن هذه الفئات العاملين والعاملات في الحقل الجمعوي الذين يؤدون ‏خدمات بمؤسسات جمعوية ‏أنشئت محكومة بمقتضيات ظهير الحريات العامة لسنة 1958 والتعديلات ‏الملحقة به، وهو إطار بعيد كل البعد ‏عن مجال المضاربات المادية والتجارة والربح .
ومهما يكن ، فطبيعة العمل الجمعوي تجعل من الصعب تقبل إخضاع علاقات العمل التي تنشأ في إطاره ‏لقواعد مدونة الشغل ‏التي تنظم علاقة الأجير برب العمل بكل ضوابطها الفلسفية والاقتصادية ‏والاجتماعية المسطرية.‏
‏فضلا عن ذلك، فإن معظم التشريعات المتعلقة سواء بأنظمة التأمين عن المرض أو المتعلقة ‏بأنظمة التقاعد ‏والمعاشات تبدو قاصرة عن استيعاب خصوصيات الوسط الذي يزاول فيه هؤلاء ‏أنشطتهم ومهامهم.‏
‏وانطلاقا من الأدوار الممكنة لجمعيات المجتمع المدني طبقا لأحكام دستور 2011، والتي تكاد ‏لا تقل أهمية عن ‏أدوار الأحزاب السياسية خاصة فيما يتعلق بتتبع السياسات العمومية وبتقييمها ‏والمساهمة في تأطير المواطن ‏وتربيته على قيم المواطنة، فإنه يصعب لهذه الجمعيات القيام بتلك ‏الأدوار في ظل تنظيم قانوني مهترئ، وفي ‏ظل غياب أية حماية قانونية واجتماعية للفاعلين/ات ‏وللعاملين/ات بالفضاءات الجمعوية .
‏وأتي تنظيم هذه الندوة الوطنية من طرف جمعية النخيل بالشراكة منظمة كونتربارت ‏انترناسيونال في سياق فتح ‏نقاش عمومي رصين، يروم لفت الانتباه للمخاطر التي بدأت تتهدد ‏الوضع الاجتماعي للعاملين في الفضاءات ‏الجمعوية، الذين لم ينالوا بعد حضهم من الاهتمام من ‏طرف المشرع، وضلوا جارج أولويات البرامج الحكومية ‏المتعاقبة والمرتبطة بالحماية الاجتماعية ‏لمختلف فئات المواطنين ‏
‏وبقدر ما ستكون هذه الندوة لحظة للتفكير والتحليل والتقييم لواقع الحماية الاجتماعية لهذه الفئة، ‏بقدر ما ستنصب ‏كذلك على دراسة الخيارات الترافعية الممكنة‎.‎‏ ‏
ويتناول التقييم مدى ملائمة مشاريع القوانين ذات الصلة بالتأمين الإجباري عن المرض وبنظام ‏المعاشات ‏مع متطلبات العمل الجمعوي، كما سيأخذ هذا التقييم بعين الاعتبار كذلك مساهمة الجمعيات ‏في أداء خدمات ‏عمومية بعيدة عن منطق الربح والمضاربات والاستثمار الإقتصادي.‏
في سياق آخر، سعى المنتدى المعني إلى تحليل‎ ‎الوضعية القانونية والاجتماعية للعاملين في المجال ‏الجمعوي ‏بالمغرب‎ ‎، والاطلاع‎ ‎على‎ ‎مختلف‎ ‎التجارب‎ ‎الدولية‎ ‎والدراسات‎ ‎المقارنة‎ ‎حول‎ ‎الوضعية ‏القانونية والاجتماعية ‏للعاملين في المجال الجمعوي والتحسيس بخطورة الوضعية القانونية ‏والاجتماعية للعاملين في المجال الجمعوي .


إلى ذلك، تضمنت الندوة الأولى: الإطار القانوني و الاجتماعي للعاملين الجمعويين بالمغرب من ‏خلال الحالة ‏الراهنة القائمة على تحليل الوضعية القانونية والاجتماعية للعاملين الجمعويين بالمغرب، ‏والآفاق‎ ‎التشريعية ‏للقطاعات الحكومية، في حين تطرقت الندوة‎ ‎الثانية إلى الاطلاع‎ ‎على‎ ‎مختلف‎ ‎التجارب‎ ‎الدولية‎ ‎والدراسات‎ ‎‎المقارنة‎ ‎حول‎ ‎الحمايـة القانونية والاجتماعية للعاملين الجمعويين ، ‏وتقديم‎ ‎وعرض‎ ‎وتبادل‎ ‎التجارب‎ ‎الدولية‎ ‎حول ‏الحمايـة القانونية‎ ‎والاجتماعية‎ ‎للعاملين الجمعويين، ‏وتقديم‎ ‎تحليل‎ ‎مقارناتي‎ ‎في‎ ‎مجال‎ ‎التشريع‎ ‎الخاص الحمايـة ‏القانونية‎ ‎والاجتماعية‎ ‎للعاملين الجمعويين ‏، كما عرفت أشغال المنتدى ورشات التفكير إنصبت حول ‏‎ ‎تحديد ‏التحديات والإكراهات للوضعية ‏الاجتماعية والقانونية للعاملين في المجال الجمعوي، ومناقشة الوضعية القانونية ‏للعاملين الجمعويين ‏و الوضعية الاجتماعية للعاملين الجمعويين .

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.