صدر قرار إبعاد حسن عبيابة من الدائرة الجكومية بشكل مفاجئ، في ظل الأزمة كورونا كوفيد 19 الوبائية التي يعيشها المغرب، وانتشار الوباء في مختلف بقاع العالم، واتخاذ المغرب لمجموعة من القرارات الصارمة والتدابير الإجرائية من قبل السلطات للحد من انتشاره.
إلى ذلكـ، فقد أعفى جلالة الملك محمد السادس، أمس الثلاثاء 7 أبريل الجاري، الوزير حسن عبيابة من مهامه على رأس وزارة الثقافة والشباب والرياضة وكناطق رسمي باسم الحكومة، فيما عيّن سعيد أمزازي وزير التربية الوطنية ناطقا رسميا باسم الحكومة، وعثمان الفردوس ، زميل عبيابة في حزب الإتحاد الدستوري، وزيرا للثقافة والشباب والرياضة.
وإذ ترصد هاســبريس مختلف الأسباب الحقيقية وراء إقالة حسن عبيابة من مناصبه الوزارية، ولمَ تم إبعاده عن الحكومة ؟وهل للأمر علاقة بآخر ظهور له أمس بعد قراءته للتصريح الصحفي أمام الكاميرات الرسمية عقب اجتماع المجلس الحكومي الاستثنائي الرباط ؟ أم أن الظهور الأخير المذكور كان فقط القشة التي قصمت ظهر البعير على حد تعبير المثل العربي ؟.
وقد أجمع معظم المراقبين لعمل الحكومة، ومجموعة من الدوائر الأكاديمية والمحللين السياسيين على إختلاف مشاربهم المعرفية، أن إقالة حسن عبيابة من منصبه كوزير للثقافة والشباب والرياضة كانت متوقعة، بالنظر للجدل الكبير الذي أثير حوله منذ تعيينه في التعديل الحكومي الأخير، وذلك بسبب ارتكابه لمجموعة من الأخطاء كناطق رسمي باسم الحكومة أولا، ثم كوزير دخل النسخة الثانية لحكومة سعد الدين العثماني من باب تكريس مصداقية التعديل الحكومي، الذي أريد من خلاله تعويض وزراء في النسخة الحكومية الأولى بآخرين لديهم «كفاءة»، لدرجة أن النسخة الثانية من حكومة سعد الدين العثماني سميت بـ”حكومة الكفاءات” .
وإتفقت ذات المصادر، أن مسلسل أخطاء الوزير السابق حسن عبعاية المعفي من مهامه،بدأ من الخارج،وتحديدا بموريطانيا، عندما تناول الكلمة بإسم المملكة المغربية، في مهرجان شنقيط للمدن القديمة،أمام الحاضرين والوفود الدولية المشاركة، بحكم كونه سياسيا ورئيسا للوفد المغربي،فأخطأ في إسم الرئيس الموريطاني محمد ولد الشيخ الغزواني، ليسميه “ولد الشيخ العزوزي”، ولم يصحح خطأه حتى بعدما تمت الإشارة إليه، بل إسترسل في كلمته، ضدا عن أدبيات اللقاءات، وبالأحرى أن تكون بهذا الحجم الحكومي والدولي، وهو ما لا يليق بناطق رسمي لحكومة، ولا بمسؤول مغربي في بلد شقيق تربطه بالمملكة مجموعة من الروابط التاريخية والإقتصادية والجيو إستراتيجية، والثقافية.
كما أوضحت ذات المصادر، أن الوزير السابق حسن عبعاية لم يكن مهيأ لتولي المنصب الوزاري الموكول إليه، كما أنه لم يكن يتوفر على إمكانيات وقدرات تواصلية وخبرة تؤهله في أن يكون في مستوى تطلعات الملك والشعب، خصوصا وأن إبعاده في هذا الظرف، جاء على خلفية تقديم عبيابة لأرقام في التقرير الذي يعقب اجتماع المجلس الحكومي الأخير، والذي تحدث فيه أمام الصحافة، حول مستجدات المجلس كناطق رسمي للحكومة.
ومهما يكن، فإن تراكم أخطاء عبيابة، وظهوره في آخر مرة بدون وضع الكمامة الوقائية التي أقرتها الحكومة وشددت عليها، ضمن التدابير الإحترازية المعمول بها في سياق جائحة “كورونا كوفيد 19″، ومعاقبة من لا يضعها،فيما كان كل الوزراء يضعونها في الوقت الذي شددت فيه الحكومة على وضعها، أعطى انطباعا غير مقبولا إتجاهه كوزير يدبر ثلاث قطاعات ، قطاع الثقافة، وقطاع الشباب، والتصريحات الرسمية بإسم الحكومة وهو ما انعكس سلبا على موقعه كمسؤول، وعجل مغادرته لكرسيه في الحكومة.
هذا، وكان وكان حسن عبيابة، وزير الثقافة والشباب والرياضة، الناطق باسم الحكومة المغربية المُقال، قد تعرض لموقف محرج داخل البرلمان، بسبب الارتباك الذي حدث له أثناء جوابه عن سؤال وجه إليه في الجلسة الأسبوعية، المخصصة للأسئلة الشفوية التي عقدها مجلس النواب، عندما تلقى سؤالاً من نائب ينتمي للفريق الاستقلالي المعارض حول تأهيل دور الشباب والنهوض بها، إلا أنه قدم جواباً يتعلق بسؤال آخر حول أسباب إغلاق بعض الملاعب الرياضية من دون أن ينتبه إلى الخلط الذي وقع فيه، وهو ما أثار موجة من الضحك والصخب داخل الجلسة. وبرر الوزير الجديد الارتباك الذي وقع فيه بأنه لم يتوصل بالسؤال، الذي طرح عليه من قبل الوزارة المكلفة العلاقة مع البرلمان، إلا أن رئيس الجلسة أكد له أن السؤال مدرج في جدول الأعمال، وطلب من النائب إعادة طرح سؤاله، والغريب أن الوزير قدم جواباً عاماً عنه.
وذكرت ذات المصادر، أن الارتباكات أضحت أمرا منتظرا من الوزير عبيابة، مشيرة أن أكبرها أثار استياء الصحافيين خلال أول مؤتمر صحافي عقده عقب تعيينه وعلى إثر اجتماع الحكومة، وذلك عندما فضل الإجابة عن بعض الأسئلة المحدودة، التي وجهت إليه، فيما تجاهل أسئلة أخرى، وبعدما وعد بتلقي أسئلة جديدة من الصحافيين. إلا أنه أنهى المؤتمر الصحافي بشكل مفاجئ، متحججاً بأن لديه اجتماعاً، وهو ما جعل الصحافيين يصفون موقفه بأنه “هروب” و”فشل” في أول ظهور له أمام وسائل الإعلام بعد تعيينه في منصبه. ولم يكن تهرب الوزير عبيابة من الإجابة عن أسئلة الصحافيين هو المأخذ الوحيد عليه، بل أثارت أجوبته سخرية . فعندما سُئل ذات لقاء عن نسبة النمو المتوقعة عقب مصادقة المجلس الحكومي على مشروع موازنة 2020، رد بأن وزير المالية يتوقع نمواً كثيراً، موضحاً أن “توقعات النمو تُبنى على سعر البترول والغاز، وعلى كمية التساقطات “المطرية والثلجية” والاستثمارات في الخارج ، وزاد بالعامية: «الله يعطينا الشتا» في إشارة للأمطار، ونظراً لعدم تمكنه من تقديم نسب محددة، أكد أن مشروع الموازنة «سيوزع إلكترونياً لأنه يحمل أرقاماً متعددة». من جهة أخرى، وخلافاً لما تعود عليه الصحافيون خلال المؤتمرات الصحافية التي تعقب اجتماع الحكومة، أعلن الوزير السابق عبيابة أنه لن يجيب إلا على الأسئلة المتعلقة بالموضوعات التي تم تداولها في اجتماع الحكومة، وهو ما أثار خيبة أمل الصحافيات والصحافيين ممن تعودوا على توجيه أسئلة في مختلف القضايا، وتلقي أجوبة عنها من قبل الناطق الرسمي باسم الحكومة، بغض النظر عما إذا نُوقشت من قبل أعضاء الحكومة في اجتماعهم الأسبوعي. وكان ارتباك المسؤول الحكومي المُقال من مهامه أمس الثلاثاء 7 أبريل الجاري، والمنتمي لـ«حزب الاتحاد الدستوري»قد أثار غير ما مرة التساؤلات حول مدى مصداقية التعديل الحكومي، الذي أريد له تعويض وزراء في التشكيلة الحكومية السابقة بآخرين لديهم «كفاءة»، حتى أن النسخة الثانية من حكومة سعد الدين العثماني سميت بــــ “حكومة الكفاءات”.
والطريف، تضيف ذات المصادر، أن الوزير المُقال حسن عبيابة، حاصل على درجة دكتوراه الدولة في الدراسات الجيوسياسية، ودكتوراه وطنية في تدبير الموارد البشرية من «جامعة محمد الخامس» بالرباط سنة 2010، كما حصل على الإجازة في الجغرافية ودرجة الماجيستير في تخصص الجغرافية الاقتصادية سنة 1987. وتلقى دورات تكوينية في برنامج القيادات السياسة، وفي تدبير المفاوضات بالولايات المتحدة الإمريكية، فضلا عن دورات تكوينية في الأكاديمية الألمانية لتكوين الإشراف على البرامج التنموية، وتكوين حول التدبير والقيادة، ولكن حسب ما أكدت نفس المصادر، فإن “الشهادات الجامعية ليست هي الكفاءات المهنية، والممارسات الواقعية تعلو دائما عن النظريات الفكرية”.