شرف الهواري، تلميذ من معهد أبي العباس السبتي للمكفوفين بمراكش،يُتوج قصَّاصاً

هاسبريس :

توجت القصة القصيرة “سفر لم يكن بالحسبان” للتلميذ المكفوف شرف الهواري،بالطور الثانوي الإعدادي من معهد أبي العباس السبتي للمكفوفين،في مراكش،بالمرتبة الأولى،وذلكــ ، خلال المسابقات التي نظمتها عن بعد،مصلحة الشؤون التربوية، التابعة للمديرية الإقليمية للتربية الوطنية، بتعاون مع شركائها، وبتنسيق مع الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة مراكش آسفي،وجريا على عادتها في نشر أعمال الشباب واليافعين المبدعين، تنشر “هاسبريس” القصة القصيرة الفائزة .

 

سفر لم يكن في الحسبان

تبدأ قصتي في يوم من أيام مارس الذي صار في الماضي لما كنت رفقة جماعة من الأصدقاء نتصفح شبكة الويب مستعملين في ذلك هواتفنا التي تنصاع بمساعدة برامج قارآت للشاشة تمكن الشخص الكفيف أن يستعمل الهاتف والحاسوب بشكل سلس جدا, وبينما نحن كذلك فإذ بي أقع على رابط يقول (توقيف الدراسة بالمدارس المغربية وانطلاق تتبعها عن بعد من المنازل بسبب جائحة كورونا), ظننت في البداية أنها إشاعة من إشاعات مواقع التواصل الاجتماعي ولكن لما تأكدت من المصدر علمت مدى حقيقة الأمور, كان الخبر كالصاعقة على فؤادي،شعرت كأن المعهد التف مرات ومرات وكأن من كانو حولي اختفوا في ضباب تفكيري وأسئلتي التي لم أجد لها جوابا آن ذاك : هل حقا سنغادر المعهد؟ لم نكسر الأشواق حتى وسنعود للمنزل؟ أسيختفي هذا الصخب وأصبح في بعد عن الأصدقاء؟ كاد رأسي أن ينفجر بالأسئلة لولا أن قال لي أحدهم :

“شرف،شرف,،هل سمعت بالخبر؟إن السيد المدير قد أعلن عن اجتماع طارئ داخل القاعة الكبرى يحضره جميع التلامذ ، من أجل الإخبار بتوقف الدراسة إلى أجل غير مسمى بسبب فيروس كورونا المستجد”، عندها اقتنعت أن الأمر حقيقي وأننا علينا جميعا التعايش معه للحد من زحف الوباء. كانت الساعة تشير إلى التاسعة مساءا لما أتممنا جميعا تجهيز حقائبنا للرحيل لأننا كنا نقيم في معهد يحتوي على قسم داخلي, أمضينا ليلة بيضاء نمرح ونتذكر كل الذكريات التي مررنا بها في هذه السنة والسنوات الماضية كأننا سنرحل من دون عودة, كأننا جنود ذاهبون لمعركة مصيرية, كأننا كذا وكذا وكذا…. حتى طلع الفجر وحان الصباح فسكتت شهرزاد عن الكلام المباح.وبعد تناول وجبة الفطور مع الأصدقاء في قاعة الأكل الشاسعة بالمعهد, سحبت حقيبتي المجرورة خلفي فبدأت عجلاتها تودع عجلات حقائب أخرى لأصدقاء وصديقات بلغة لا تفقهها إلى الحقائب المجرورة وتدخل صداها على الجدران مودعا هو الآخر. تركت المعهد وخرجت منتظرا سيارة أجرى تنقلني إلى محطة الحافلات, وبعد عشر دقائق كنت قد صرت داخل هذه الأخيرة أبحثبين الحافلات عن تلك التي ستعصف بي إلى مسقط رأسي آسفي.تحركت الحافلة بهدوء داخل المحطة كأنها تعبر فوق زجاج الذكريات الذي لم يكن ما وراءه واضحا آنذاك, ثم اندفعت مخلفة مدينة مراكش خلفها, مخلفة المعهد خلفها, مخلفة الذكريات الجميلة خلفها, عجلاتها كانت تدور إلى الأمام وذاكرتي تدور إلى الخلف لتعيد رسم الذكريات التي أمضيتها في المعهد, ذكريات الأصدقاء والحجرات والرحلات والاحتفالات الملونة بجميع ألوان السعادة والمرصعة بأصوات الابتهاج، ثم عادت ذاكرتي لتدور مع عجلات الحافلة فتجاوزتها ووصلت إلى المنزل لتثير في ذهني عدة سيناريوهات،فأحيانا أراني قد أمضيت سنة دون العودة للمعهد، وأحيانا أجدني عدت قبل شهر رمضان، وتارة أتخيل شكل هذا الكورونا اللعين،هل هو حبة كحبة الخردل؟ هل هو هواء؟ هل هو سائل؟ كيف سيشفى المصابون منه؟ متى يا ترى سنعود؟ ثم عاد إليّ رُشدي لأجد أنني شرف الذي ركب الحافلة وهي الآن تأكل الطريق باتجاه رائحة السمك في آسفي،أخرجت عيني من جيبي أقصد هاتفي من جيبي شغلت تطبيق تتبع الحافلات الذي يوفره لي هذا الهاتف فعلمت أنني سأدخل إلى آسفي بعد نصف ساعة, ثم قلت لنفسي:

– ها أنت الآن يا شرف قريب من آسفي, بعيد من مراكش, مراكش والمعهد صارا هناك بعيدين بعيدين, يحملان ذكريات عدة ويطرحان أسئلة عدة, ذكريات الماضي الجميل وأسئلة المستقبل المجهول.

– وها أنا هنا الآنفي البيت مع باقي الاسرةداخل الحجر الصحي الذي فرضته السلطات للحد من تفشي العدوى بين الناس، ووجدت نفسي بعد مرور عدة ايام حبيس المنزل لولا هاتفي الذكي الذي اصبح انيس وحدتي ودخولي في بعض المجموعات للتعلم عن بعد أنشاها الأساتدة في مجموعة من وسائل التواصل الاجتماعي وبدات شيأ فشيأ أتعود عن الحياة الجديدة لكن داخل رأسي هناك أسئلةكثيرة لن أستطيعالإجابة عليها تاركا الأيام والأسابيع المقبلة الكفيلة بالإجابة عما كان يدور في خلدي

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.