جريا على عادته في مطلع كل موسم ربيع، وفي إطار صون التقاليد وتثمين الأعراف الشعبية والتقاليد التراثية بالمملكة، نظم متحف محمد السادس لحضارة الماء بمراكش، اليوم الأحد 28 مارس الجاري، حفل “الزهرية”، المخلدة لطقس تقطير زهر الليمون، وتضمن برنامج هذا الحدث الثقافي،المستمد من التراث المغربي، ثلاث جلسات تواصلية تراثية، وعرضا تقليديا لتقطير زهر الليمون، وتنشيطا فنيا للموسيقى الأندلسية، كما تم تقديم حلويات ومشروبات مغربية بنكهة زهر الليمون.
وجاءت فعاليات التظاهرة الثقافية الحضارية المعنية استحضارا من المنظمين لطقس ثقافي يرتبط بأنماط العيش المغربية العريقة، والذي يتعلق بتقطير ماء ورحيق زهرة “النارنج” المنتشرة في عموم بساتين وضيعات وحدائق مدينة مراكش ، حيث حضر فعاليات إنطلاق مراسم “تقطير الزهر” مختلف الأطياف الإجتماعية والثقافية والإبداعية والعديد من الباحثين في قضايا التراث والأكاديميين ونخبة من الفعاليات الجمعوية بالمدينة الحمراء، بالإضافة إلى ممثلي بعض المنابر السمعية البصرية والإليكترونية الإعلامية الوطنية.
هــذا، وإذا كان فصل الربيع كأحد فصول السنة الأربعة يتميز في عموم جهات المملكة ، ودول البحر الأبيض المتوسط بمناخ معتدل، تتفتح فيه الأزهار وتعتدل في أيامه الأجواء بين الحرارة والبرودة. إذ يمثل المرحلة الانتقالية من موسم الشتاء إلى موسم الصيف، إبتداء من21 مارس لينتهي في 22 يونيو ، فإن فصل الربيع في مراكش، الذي طالما تغنت به المعزوفات المغربية والأهازيج الشعبية، وتضمنت ملامحه القصائد والأزجال والروايات واللوحات التشكيلية والإنتاجات السينمائية والنصوص المسرحية والبرامج الإعلامية والأشرطة الوثائقية، حيث ظل يكتسي طعما فريدا ومميزا ، إذ عرفت إدارة متحف محمد السادس لحضارة الماء بمراكش من خلال مديرها وأطرها وخبرائها في أن تحوله لمهرجان لإستمرارية الإحتفاء بالتراث المغربي في علاقاته بالزمن وبالمكان ، وفي تعبيره عن مباهج الحياة المغربية في أسمى تجلياتها المتعلقة بفصل الربيع، فصل الخُضرة والخصوبة وبأفراح الجمال،وأبهة الأناقة، وفي أن تجعل من “مراسم تقطير الزهر” عنوانا لرسائل إيكولوجية بيئية وأعراسا تتوحد مع أرض المدينة الحمراء إثناء إرتداء ثوب زهورها ورياحينها لتظهر بأجمل حلةٍ لها وكأنها عروسٌ أفاقت من نومها الصقيعي العميق، على إيقاعات رَبيع ينضح بالإخضرار والخصوبة التي تترجمها ينبوعا مزهرا، للأشجار عموما، وشجرة النارنج “الزنبوع” خصوصا، معلنة أسمى مظاهر التكريم للإنسان وللطبيعة من خلال طقوس “زهرية مراكش” ، في أبهة من التقاليد الربيعية وتحت عبق وشذى عطر الزخم الثقافي المغربي.