مؤسسة النواة تُقدم أليات تغطية جرائم العنف ضد المرأة للصحافيين في مراكش

مـحـمـد الـقـنـور :

اختتمت قبل قليل بمراكش، أشغال دورة تكوينية لفائدة مجموعة من الصحافيين والصحافيات، وطلبة المعهد العالي للصحافة والإعلام بمراكش، نظمتها مؤسسة النواة للحقوق والتنمية، حول التغطية الاعلامية للعنف ضد النساء،ونشطها صحافيون وأساتذة مختصين في قضايا الإعلام والصحافة.
وتناول المؤطرون والمؤطرات بالدورة التكوينية المذكورة، التي نظمت على مدى يومي 2 و3 ماي الجاري، بشراكة مع شبكات من أجل التغيير وشركاء للتعبئة حول الحقوق، Networks of Change ومنظمة”مرا” MRA ، والمعهد العالي للصحافة والإعلام بمراكش، أليات وطرق ومناهج التعامل الإعلامي، مع قضايا العنف المبني على النوع، وخصوصا الذي يستهدف النساء، مما تؤشر عليه المعدلات المرتفعة لقضايا العنف بكل أنواعه ضد المرأة، نتيجة أسباب موضوعية تتعلق بشيوع الثقافة الذكورية، وتدني مستوى الوعي حول المساواة بين الجنسين، كحق أساسي من حقوق الإنسان، وأسباب ذاتية تكرسها بعض العادات والتقاليد، السائدة في المجتمع، وتوطد ملامحها كآفة إجتماعية، بعض أنماط التربية والتصورات اتجاه قضايا المرأة، ولما للإعلام من أثر بالغ في مناهضة العنف بكل أشكاله.

وأكدت مجمل مداخلات المؤطرين والمؤطرات خلال فعاليات الدورة التكوينية، أن التغطيات الاعلامية للعنف ضد النساء، باتت تأخذ حيزاً أكبر، مقارنة بالسابق على وسائل الإعلام المختلفة، محليا وجهويا ووطنيا، بعدما تحولت بعضها إلى قضايا رأي عام، غير أن معظمها لايزال يفتقر إلى الدقة في إدراج المعطيات، والإنصاف في التناول، والموضوعية في تقديم المعطيات، والحياد في عرض الحقائق، وإحترام خصوصيات النساء المعنفات والنساء الناجيات من العنف، من خلال عدم الكشف إعلاميا عن الجوانب الدقيقة من حياتهن الشخصية والإجتماعية، أو الكشف عن هوياتهن أو خصوصياتهن، حمايةً لهن، من ردود فعل قد تكون وخيمة العواقب، قد تعرض حياتهن للخطر أو نفسياتهن للاضطراب والتذمر والانطوائية وفقدان الثقة .

في حين، نبهت مداخلات أخرى، مصحوبة بالبيانات ولغة الأرقام والصور التوضيحية والعناوين والقصاصات الإخبارية،والمواد والمنشورات الإعلامية، ومقاطع الفيديوهات الإستدلالية، إلى أن العديد من الصحفيين والصحافيات يخلطون أثناء تغطيتهم لقضايا العنف ضد النساء، بين دورهم في طرح هذه القضايا، وكشف أسبابها وسياقاتها،ونتائجها، ومحاولات حماية ضحاياها أو الناجيات منها ، وبين البحث عن الإثارة الإعلامية، والسبق الصحافي،مما يعرض هؤلاء النساء للتشهير والوصم، ويزيد بشكل غير مقصود في إستفحال نشر هذا العنف، وتعميق الآفة.

هذا،وقدم المؤطرون والمؤطرات مجموعة من الآليات الإعلامية والاعتبارات الأسلوبية والإرشادات التقنية التي على الصحفيين والصحافيات اتباعها أثناء التغطية، ضمانا لسلامة ومعنويات النساء المعنفات والناجيات، خصوصا على المستوى التصوير الفوتوغرافي والتناول السمعي والسمعي بصري.

كما شددت ذات المداخلات، على ضرورة استشراف الإعلاميات والإعلاميين لقضايا المرأة وتصديهم لها بالمعالجة الصحافية والقوة الاقتراحية، وتنوير الرأي العام حول الإكراهات التي تحول دون تمكين النساء من حقوقهن الطبيعية والدستورية والقانونية، والإقتصار إعلاميا على تغطيات المناسبات السنوية المتعلقة بأنشطة تخليد الثامن من مارس، أو حملة الـ 16 يوم لمناهضة العنف ضد المرأة.

 

إلى ذلكــ ، أبرزت الأستاذة أمينة بيوز، مؤسسة النواة للحقوق والتنمية، أن الدورة التكوينية المذكورة،والمنظمة لفائدة الصحافيين والصحافيات، وطلبة المعهد العالي للصحافة والإعلام بمراكش، على إعتبار كونهم صحافيات وصحافيو المستقبل،جاءت إيمانا من المنظمين بدور الإعلام الإيجابي في المساهمة بالتحسيس والتأطير والتنوير وإبراز التطلعات والكشف عن الإكراهات والإختلالات التي تهدد النساء، وتعرضهن للعنف الجسدي واللفظي والرمزي، وتستهدفهن بالتحرش والوصم.

وأوضحت بيوز أن الدورة التكوينية المذكورة، سعت إلى إطلاع الإعلاميين والإعلاميات على أبراز الهفوات والإنفلاتات التي قد تعتري عمليات التغطية الاعلامية للعنف ضد النساء، مؤكدة أنه ليس مطلوبًا من الإعلام أن يطرح حلولاً حول هذه القضايا، أكثر مما هو ملزم بتسليط الضوء عليها ومناقشتها، والتنبيه إلى مخاطرها، وتداعياتها السلبية، في أفق سن المؤسسات التشريعية للقوانين التي تُجرِّم هذا العنف، ومحاسبة مقترفيه، وتحسيس الإعلاميين والإعلاميات بخطورة هذا العنف على الحياة العمومية، والسلم الاجتماعي، والتنمية الاقتصادية، والترسانة الحقوقية، مع إلمام الصحافيات والصحافيين بكل القوانين الوطنية، والمقتضيات الدستورية والمعاهدات والمواثيق الدولية التي تجرم العنف ضد النساء، وتسليط الضوء إعلاميا على التجارب الإيجابية للناجيات من العنف، في أفق تحويلهن إلى نماذج بناءة وناجعة، لفائدة النساء المُعنَّفات الأُخريات.

وشددت بيوز على أن مهمة التغطية الاعلامية للعنف ضد النساء،مهمة ليست كغيرها،كما يؤكد الدليل الذي أصدرته شبكات من أجل التغيير وشركاء للتعبئة حول الحقوق، Networks of Change ومنظمة “مرا” MRA،- والذي تم توزيعه على كل المشاركين والمشاركات – قبيل إختتام الدورة ، بل تقتضي تمكن الصحافيات والصحافيين من معرفة التحديات والمشاكل الشائعة المتعلقة بتغطية العنف الممارس ضد النساء، كمسؤولية اجتماعية وإنسانية، تروم تضمين قضايا المرأة ضمن أولويات الإعلام عموماً، و الإطلاع عن طرق تناولها والكشف عنها، لتوعية وتحسيس مختلف الفئات الاجتماعية،والفاعلين السياسيين والدوائر القانونية والأوساط الإدارية والقطاعات التنموية والجهات الاجتماعية والتربوية بخطورتها.

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.