في أربعينية وفاته، الهاشمي لحضر أحد صناع لحظات ‏الفرح ومصممي أناقة الاستقبال بالمغرب ‏

محـمــد الـقـنـور ‏:

 

تحل اليوم الجمعة 14 أبريل الحالي ، الذكرى الأربعينية لوفاة الفقيد الهاشمي لحضر،والد صديقنا الزميل المصور الفوطوغرافي التوثيقي ‏محمد لحضر ، أحد أشهر مدبري فن العيش بالمغرب، ممن طبعوا هذا المسار المهني بالكثير من التميز ‏والإحترافية، في نكران جميل للذات، وتواضع وارف من خلال تواصله مع مختلف الأطياف الاجتماعية ‏والمسالكـ الرفيعة المفعمة بالثقافة والإنسانية .‏
ويجمع معظم من عاشر الهاشمي لحضر يرحمه الله ، أو إشتغل معه عن كثب ، في كونه كان أحد أبرز ‏مدبري الإقامات الخاصة بالمغرب، المشهود لهم بالكفاءة وبعد النظر والالتزام بخدمة قضايا الوطن .‏
ومهما يكن ، فبوفاة الهاشمي لحضر في الإثنين 06 مارس المنصرم يكون المشهد الجمالي والأناقة ‏المنزلية، والحس التنظيمي للفضاءات الرفيعة، والإعداد المنمق للأطعمة وموائد الوجبات والجلسات ‏الوارفة ، قد فقدت واحدا من صناعها الكبار، المشهود لهم بالحكمة في التدبير المنزلي، وبالعنفوانية في ‏الطبخ المغربي والعالمي وبعد النظر في توطيد أواصر الراحة والارتياح، ومكامن الساعات الظليلة ‏الهادئة ، المفعمة بالمسرات والتميز، طيلة مساره الحافل بالعطاء والنماء، والقدرة على ترتيب ساعات ‏الفرح والألق الصادق، بروح من المسؤولية العالية، والتفاني ونكران الذات، في مختلف المهام ‏والمسؤوليات التي تقلدها، بكل كفاءة واقتدار.‏
وطبيعي، أن يستحضر مختلف العاملين في مجال التدبير والإعداد المنزلي للإقامات الفارهة، والأمكنة ‏الباذخة، والمتميزة، مختلف مناقب الفقيد الهاشمي لحضر، باعتباره وطنيا غيورا، ورجلا كبيرا في ‏الخدمة المنزلية الراقية وإستضافات طبعتها الأصالة المغربية، والعصرنة المكللة بالخصال الإنسانية ‏الرفيعة، التي توحدت مع مشواره المهني ، وعلاقاته المتعددة، ليبقى إيقونة أسست لمهنة التدبير المنزلي ‏بكل نجاعة واستمرارية، ووطنية صادقة، حيث انخرط في فنون الطبخ والإعداد المنزلي والتدبير ‏الإقاماتي مبكرا منذ السنوات الأولى لاستقلال المغرب .‏
وواضح ، أن الهاشمي لحضر يرحمه الله، لم يكن يؤدي خدماته المنبثقة من وفاءه الثابت ، وإخلاصه ‏المكين لثوابت الأمة المغربية ومقدساتها، وتفانيه في الدفاع عنها فقط ، وإنما كان مؤسسا لمجمل ما ‏تقتضيه شؤون التدبير الإقاماتي ، وتهيئة الموائد المتعلقة بالإطعام، وإبراز مختلف النكهات الملونة ‏للمطبخ المغربي، وباقي المطابخ العالمية، دفعت الملك المغفور له الحسن الثاني أن يعجب بنمط تقديمه ‏لها، وأن يستلذ تلك النكهات الأصيلة التي تطبع مذاقاتها وتحكم تقاسيم تهيئتها، ليحظى بوسام ملكي .‏
وبحكم علاقاته الخدماتية مع مختلف فئات الشعب المغربي،ومدبري المؤسسات السياحية والإقامات ‏الخاصة منذ فترات الستينيات والسبعينيات من القرن المنصرم، فإن الفقيد الهاشمي لحضر ظل مناضلا ‏متمرسا وموهوبا في إبراز جمالية فن العيش المغربي، ورمزا نبيلا يمارس الفن الجميل في التدبير ‏المنزلي بكل مواصفاته العريقة، وأخلاقياته التواقة للتميز في الشكل والمضمون ، وبسمو مقاصد الحياة ‏القائمة على السلام والنعمة والمحبة الوارفة والأمانة الصادقة.‏
وفي هذا ، ما يُظهر أن الفقيد الهاشمي لحضر، وبشهادة من عايشه مهنيا، من زملائه في العمل، ومن ‏تلاميذته في فنون العيش المغربي، كان يتسم بأسلوبه المتميز، كرجل منهجية فنية ، تحول الفضاءات ‏واللقاءات إلى شلالات من جمال وإيحاء ومودة وراحة، من خلال أطباقه المميزة وباقات وروده ‏المطبوعة، وموائده الباذخة، وتحكمه الرائق في مختلف مسالكـ اللحظات التي كانت تتحول على يديه إلى ‏سبحة تنتظم حباتها ضمن روعة يتلوها جمال، وإقناع يعقبه إشباع ، تروم تحقيق الفرح والراحة وتلكـ ‏العذوبة المفعمة بكل بشارات الحياة، مما مكنّه في أن يحظى بإجماع كافة ممارسي المجال التدبيري ‏ورواد عوالم الأناقة والضيافة،سواء داخل المغرب أو خارجه ، في نهج رصين صار عليه، ولقن مختلف ‏مظاهره الإنسانية المغربية الأصيلة لتلاميذته ، ممن يُسير البعض منهم مؤسسات فندقية وإقامات ‏ورياضات عريقة، ومنتجعات جميلة بمختلف تراب المملكة ، وجعلتْهُ في أن يكون ويبقى محط احترام ‏وإعجاب لدى كل من عرفه أو عمل إلى جانبه،أو تعلم منه ، لما كان يتحلى به من فنية في التدبير، وأمانة ‏في العمل، ومن حسن الأخلاق، ومن تلكـ المعاشرة الطيبة، والبساطة والتواضع الصادق الذي طبع جميع ‏إبداعاته التدبيرية ومكامن سلوكياته ومهنيته .‏
فرحم الله، الهاشمي لحضر، مدبرا ومهندسا للحظات الفرح والتميّزِ وجمالية التدبير المنزلي، ورحمه الله وطنيا ‏وإنسانا، وشهما خلوقا .‏

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.