في إطار إنفتاحها على محيطها الخارجي بمراكش، وبعموم أقاليم وجهات المملكة، نظمت جمعية شمس تانسيفت للصحة العقلية، بشراكة مع إدارة فندق راديسون بلو مراكش، أمس 29 فبراير الفارط، ندوة وطنية ثقافية تواصلية تحت عنوان “الحق في الاختلاف :نظرة جديدة على الآخر لتحرير إمكاناته” حضرتها مجموعة من الجهات الطبية والأكاديمية، والهيئات الحقوقية، والأوساط الثقافية والعديد من الكتاب والشعراء، والتشكيليين، من الأصحاء ومن ذوي الحالات العقلية والنفسية،ومختلف الأطياف المجتمعية، المشتغلة على الصحة العقلية والصحة النفسية، وممثلي وممثلات بعض المنابر الإعلامية، فضلا عن أطر الجمعية.
إلى ذلكــ ، سعت ذات الندوة إلى طرح ومناقشة الأسس والمقاربات التي يمكن اعتمادها في الإصلاح المرتقب، لواقع مرضى الحالات النفسية والعقلية، وتطوير آفاقهم، من أجل تأسيس ثقافة للإختلاف، ووضع كافة الشروط المستجيبة لإنتظارات مكونات هذه الفئة المجتمعية، وقصد ضمان حقوقها الإنسانية والدستورية، وقصد المساهمة إغناء النقاش المجتمعي حول “واقع وإمكانيات وآفاق مرضى الحالات النفسية والعقلية”، وللوقوف على ضرورة وإمكانية الاهتمام بإبداعاتهم وإنتاجاتهم بمختلف المجالات، بالرجوع للإطار المعياري للمساواة والعدل المتناغم مع روح ومقتضيات دستور 2011 والتزامات المغرب الدولية،وكذا التحولات العميقة التي عرفها المجتمع المغربي بصفة عامة وعرفتها أوضاع هذه الفئة بصفة خاصة.
كما تضمنت الندوة الثقافية التواصلية المذكورة،معارض فنية وحرفية، وعروض علمية حول واقع وآفاق الصحة النفسية والأمراض العقلية بالمغرب، وطبية لقاءات مع فنانين تعبيريين وتشكيليين وفعاليات مجتمعية، ضمن طاولة مستديرة تطرقت إلى ماهية الإبداع في علاقته بالذات وبالآخر، وإرتباطاته بالحالات النفسية والعقلية لكل من الدكتور سعيد فتاح، الإخصائي النفساني، والأستاذ لحسن بن وروار الباحث في قضايا الفلسفة والفكر المعاصر، ومساراته وآلياته، وخصوصياته، وفقرات لقراءات شعرية على تقاسيم موسيقى آلات العود، من ديوان “ثمار الخريف” للشاعر الأستاذ محمد أبو مدركـ ، والشاعرة مريم بادو بالفرنسية ، وتقديم الاستاذة سابين بسيم لكتاب “في دماغي الثنائي القطب”Dans ma tête de bipolaire لكاتبه فرانسوا لوجون François Lejeune وقراءات من دواوين شعراء وخواطر لكتاب آخرين باللغة العربية والفرنسية، وتقديم كتاب “نساء مراكش تقاليد مدنية، وفنون عيش” بنسختيه العربية والفرنسية للباحثة والأديبة المبدعة الأستاذة فوزية الكنسوسي، وتوقيع مجموعة من المؤلفات، ضمن المعرض المقام بحديقة المؤسسة الفندقية المعنية موازاة مع فعاليات التظاهرة المذكورة.
وخلال كلمتها التقديمية لفقرات الندوة، أبرزت الأستاذة عائشة بلعربي، رئيسة جمعية شمس تانسيفت للصحة العقلية، أن هذه الندوة الثقافية التواصلية، تروم الاحتفاء بالتنوع والعمل على تعزيز الحوار بين الثقافات، والتجارب الإبداعية للمتعافين والناجين من تداعيات الأمراض العقلية والنفسية، ولمتابعي ومتابعات الأطوار الإستشفائية منها، كفرصة فريدة لاكتشاف مختلف الكفاءات الإبداعية والقوى التعبيرية، والملكات الفنية والأدبية التي تميز أعمالهم.
وأوضحت الأستاذة بلعربي أن التظاهرة المذكورة، تشكل فرصة للتقارب بين التجارب الإنسانية للمشاركين والعارضين، وتكريسا لتقاليد تثمين العطاءات الجهود الرامية إلى التعلم وتبادل التجارب وفتح الحوار بين المشاركات والمشاركين وانفتاح العقل، لبناء مجتمع معًا يجد فيه كل فرد مكانه ويتألق.
كما شددت بلعربي على أن جمعية شمس تانسيفت للصحة العقلية، تعمل جاهدة من أجل المساهمة في إيجاد الحلول الجذرية والوسائل من أجل للقضاء على الآثار السلبية للاختلالات التي تعترض مرضى الحالات النفسية والعقلية، وإبراز دورهم في الدينامية المجتمعية ضمن العمل على تأسيس إطار مرجعي لتطوير وعصرنة البنية المفاهيمية المعتمدة إتجاههم، وتحديث مناهجها ومقتضياتها.
في حين، أكد الأستاذ حسن هاركون، الكاتب العام لذات الجمعية، على أهمية الرسائل الموجهة من طرف الندوة، والتي تتأسس على إبراز النتائج الإيجابية للتنوع في المجتمع المغربي، وتهدف إلى تشجيع الحوار والتفاهم المتبادل بين كل مكوناته، في أفق بناء مجتمع متناسق ومتكامل، دامج ومسؤول عن كل كفاءاته وفاعليه، وضامن للمساواة بين كل أفراده الأصحاء وذوي الحالات العقلية والنفسية في القوانين والواقع ورهين بالإرادة السياسية، المرتبطة بمراكز القرار في ظل التحولات الاقتصادية والسوسيو- ديمغرافية التي يعرفها المغرب.