بما اننا تربينا في مركز التنمية على الاشتباك مع القضايا المصيرية لوطننا الحبيب ،فقد ارتأينا دعوة مجموعة من خيرة الفعاليات الحقوقية والاكاديمية والنضالية لنتطارح واياهم موضوع العدالة الانتقالية في ارتباطها مع ثقافة حقوق الانسان ضمن رؤى، شهادات واستشرافات، وذلك يوم السبت 14 دجنبر الجاري انطلاقا من الساعة 15و30 د بعد الزوال بمركب العدالة الكائن بشارع الأمير مولاي عبد الله، شارع اسفي سابقا بمراكش .
وهكذا سنتفيأ جميعا ظلال وفاء ومحبة لعزيز افتقدناه جميعا :انه الفقيد احمد شوقي بنيوب ،سليل شجرة جذورها وطنية واغصانها يسارية وقطافها حقوقية .عاش الفقيد موسم هجرته نحو العدالة الانتقالية بفرح متوثب ومشى فوق الغامها بصدق وطني وترفع نبيل ،يحاور هذا ويقنع ذاك ،ويخطب هنا ويساجل هناك بشجاعة دون وقاحة ومرونة دون ضعف .وفي تعاطيه مع التقارير الأممية كان ينقب في المنطقة الرمادية ليميز بين الحقوقي والابتزازي .
وبما ان اهل الاختصاص ادرى بشعاب ثقافة حقوق الانسان في ارتباطها بالعدالة الانتقالية في شرطنا المغربي،فاننا نلتمس من رحابة صدر هم الاكاديمي السماح لنا -في حدود اطلاعنا المتواضع كمتتبعين للشأن العام ـ بالاشارة الى بعض المميزات التي طبعت النسخة المغربية من عدالتنا الانتقالية ومسارنا الحقوقي والتي نجملها في ما يلي :
1. ان المغرب يعرف نقاشا حادا في ظاهره ولكنه صحي في عمقه من اجل تجويد ترسانته القانونية قضائيا وحقوقيا وجنائيا ومدنيا .
2. أن احداث هيئة الانصاف والمصالحة، جاء بعد القوس الذي فتحته تجربة التناوب التوافقي ،ونتيحة لالتقاء ارادتي الدولة والمجتمع في لحظة ذكاء جماعي من اجل تنظيف الذاكرة الوطنية من ماضيها الأليم ،والمساهمة -في حدود السقف السياسي الممكن وقتئذ- في فك لسان الوطن من حبسته الديمقراطية.

3 انها غطت اطول الفترات في تاريخ تجارب العدالة الانتقالية في العالم (43سنة) من 1956الى 1999.
4 انها تمتعت بصلاحية منح تعويضات مباشرة لما عرف تداولا بضحايا سنوات الرصاص والصمود.
5 انها انحازت الى المقاربة السياسية عوض المقاربة القانونية ،وفضلت الحقيقة التصالحية على الحقيقة القضائية ،لذلك سمع صوت الضحية واخفي صوت الجلاد وتنازل الانصاف من اجل جبر الضرر .ويعزى ذللك الى الصعوبات والاكراهات التي واجهتها الهيئة والمتمثلة في محدودية الشهادات وفراغات الأرشيف الوطني والتعاون الحذر من بعض الأجهزة المرتبطة بموضوع الانتهاكات واكتفائها أحيانا بتقديم أجوبة مغتبشة .
ورغم كل ذلك ،فلا مزايدة على الشرفاء والشريفات من اي موقع كانوا.لان فضيلة الاعتراف تقتضي التثمين والاشادة بما قدمه الفقيد احمد شوقي بنيوب وامثاله من ايقونات العدالة الانتقالية كالفقيد إدريس بنزكري و الفقيد احمد حرزني ، من تقدم حقوقي لا ينكره الا جاحد .