ماري الجميلة، فتاة شبح تخرج من مقبرة في شيكاغو
عن مجلة : مجلة فانجوريا Fangoria
ترجمة : محمـد القنــور :
كم كانت ثقيلة و محزنة و كئيبة تلك الليلة المشئومة من يوم الأربعاء على سكان بلدة ويلوسبرينك في شيكاغو ، إذ يقولون أنها حدثت في عشرينيات القرن المنصرم، كانت نقطة البداية لجميع ما تلاها من أمور غامضة .
ففي إحدى ليالي الشتاء البارد كان هناك سائق سيارة طاكسي ، قد أستمر بالعمل حتى ساعات متأخرة من الليل . وقد كان الطريق خاليا تماما حين لمح فتاة شابة ، بملابس تكاد تكون شبه عارية، رغم برودة الطقس، وهي تسير بمفردها على جانب الطريق، مصحوبة بدراجة هوائية ، لم تكن ترتدي سوى ثوب صيفي أبيض على الرغم من برودة الجو سائق الأجرة أشفق على الفتاة فتوقف وعرض عليها أن يوصلها إلى منزلها مجانا، فصعدت الفتاة إلى سيارته وجلست على المقعد الخلفي بعد أن أخبرته بأن منزلها يقع إلى الشمال من البلدة. وكان ذلك هو آخر ما سمعه السائق منها، فقد حاول خلال الطريق أن يجرها للحديث والدردشة معه أكثر من مرة ..
فقد تكلم عن العمل .. وعن البلدة .. وعن الطقس .. لكن الفتاة بدت غير مصغية ولم تنطق بأية كلمة ، وقد شعر السائق بالانزعاج فنظر نحوها بالمرآة لكنه لم يستطع رؤية شيء وظن بأنها ربما تكون قد غفت على المقعد الخلفي، وفيما هو يفكر في شأن الفتاة أذا به يسمعها فجأة وهي تقول بصوت خافت : “لقد هطل الثلج مبكرا هذا العام” .. بدا صوتها غريبا ومخيفا، أشبه بالهمس العميق القادم من أعمق الأعماق ، ولم يدري السائق هل هي تحدثه أم أنها تكلم نفسها، لكنه حاول أن يجرها للحديث مرة أخرى، فراح يتحدث عن الطقس مجددا. وفي هذه الأثناء كانت السيارة تمر بمحاذاة المقبرة، فصرخت الفتاة فجأة وقالت : “قف هنا!” .. فتوقف الرجل بسيارته وقد أصابه فزع شديد، وراح يتلفت حوله ليعرف ماذا حدث، فأنتبه إلى أنه يقف بجوار مقبرة .. وتساءل بدهشة : “هل تريدين النزول هنا؟ .. إنها مقبرة!!” .. لكن لم يأتيه أي رد من الفتاة، وحين نظر نحوها بالمرآة أصابه الذهول لأن المقعد الخلفي للسيارة كان خاليا تماما، اختفت بالرغم من أنه لم يسمع باب السيارة وهو يفتح لنزولها. ولم يدرك الرجل ما حدث إلا في صباح اليوم التالي حين روى الحادثة لبعض زملائه فأخبروه بأن الفتاة هي ماري .. الفتاة الشبح ذات الرداء الأبيض.
وعلى كل حال ، فقد انتشرت تلك القصه في أرجاء ولاية شيكاغو وكانت تلك المشاهدات تزداد خلال الشتاء حتى أن سائقي السيارات صاروا يتجنبون المرور ليلا بطريق المقبرة، أما أولئك الذين كانوا يجرئون فالعديد منهم عادوا وهم يرتجفون من الخوف. أقسم بعضهم على رؤية الفتاة وهي تقف على جانب الطريق وقالوا بأنهم شعروا برعب عارم لرؤيتها فلم يتوقفوا وحاولوا الفرار منها، لكن عندما ينظرون إلى الخلف يجدو الفتاة جالسه في المقعد الخلفي . كانت تجلس بهدوء حتى تصل السيارة إلى المقبرة فتطلب النزول هناك ثم تتبخر عند بوابة المقبرة . وهناك بعض السائقين زعموا بأن الفتاة ظهرت لهم فجأة في وسط الشارع وبأن جسدها نفذ عبر السيارة كالضوء حين صدموها ثم تلاشت واختفت من دون أثر.
و يروي جيري بلاس قصته مع الفتاة (ماري)، مؤكدا انه رقص مع الفتاة ذات مرة، و هي أغرب القصص عن الفتاة تلك التي تحدثت عن ظهورها داخل قاعة الرقص حدثت عام 1939 حين كان الشاب جيري بالاس يقف وحيدا داخل قاعة الرقص ، كان يشعر بالوحدة فراح يتلفت في أرجاء القاعة بحثا عن فتاة . فلمح فتاة شقراء ترتدي ثوب سهرة أبيض تقف لوحدها ولقد تعجب لرؤيتها فقبل لحظات قليلة فقط كان ذلك المكان الذي تقف عنده الفتاة خاليا .فذهب إليها طالبا منها أن تراقصه فوافقت في الحال. لكن جيري شعر ببرودة عجيبة تسري في جسده ما أن أمسك بيد الفتاة، فابتسمت له وأخبرته بأنها بخير لكنها تشعر بالبرد قليلا.
وقد وصف جيري الفتاة بالراقصة البارعة،والمتابعة لفنون الموضة، وأفاد في تصريحاته المكررة للصحافة ، بأنها بدت حقيقية وطبيعية جدا، عيونها زرقاء واسعة وملامحها متناسقة لكنها كانت شاحبة اللون ، وبدت شاردة الذهن أحيانا وقليلة الكلام. وقد زعم جيري بأنه سرق منها قبلة خاطفة في نهاية الأمسية لكنه وصف تلك القبلة بأنها كانت أشبه بتقبيل قالب ثلج!. وعند انتهاء السهرة طلبت الفتاة من جيري أن يقلها بسيارته إلى منزلها الذي يقع في الشمال البلدة، فوافق جيري ومضى الاثنان بالسيارة حتى وصلا إلى سور المقبرة، هناك طلبت الفتاة من جيري أن ينزلها عند البوابة الرئيسية للمقبرة. فتعجب بشدة من هذا الطلب الغريب وتساءل : “هل أنت متأكدة من أنكِ تودين النزول هنا ..
فأجابته الفتاة بهدوء : “نعم .. هذا هو المكان الذي يجب أن أنزل عنده”.
جيري توقف قبالة بوابة المقبرة وظن بأن الفتاة تمزح فعرض عليها أن يمشي معها نحو البوابة، لكن الفتاة أجابته بنبرة الحزن : “هنا يجب أن أمضي لوحدي، المكان الذي سأذهب أليه لا يمكنك أن تدخله”. وقبل أن يستطيع جيري قول شيء آخر ترجلت الفتاة من السيارة وسارت بخطوات سريعة نحو البوابة لكنها اختفت وتلاشت في الهواء قبل أن تصل إليها. أما جيري فقد كاد أن يفقد صوابه ..
فقد أدرك الشاب المسكين بأنه رقص تلك الليلة مع شبح!. ولم تغادر تلك الحادثة ذهن جيري أبدا، فخلال العقود التالية وحتى وفاته عام 1996 أجريت معه عشرات المقابلات الصحفية وظل الرجل مصرا حتى آخر لحظة على أنه لم يختلق تلك القصة وبأنها حقيقية مائة في المائة.
ولقد قامت مراكز الشرطة بالبحث في سجلات المقبرة ، فقادها البحث على أنه كانت هناك فتاة تدعى” آنا “ماريا” نوركس”، فقد كانت مولعة بالرقص، وماتت بعد أن صدمتها سيارة أثناء عودتها ليلا من قاعة الرقص في بلدة ويلوسبرينك. عام 1934 .