حقائق مدهشة عن مدينة القدس

هاسبريس :

تحتل القدس مكانة مرموقة عند كل أصحاب الديانات، فهي عند المسلمين أولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى النبي عليه الصلاة والسلام، وهي عند النصارى مهد المسيح ومكان مولده، وهي عند اليهود المكان الذي عاش فيه ملكهم وبني فيه هيكلهم، وإليها سيعود المسيح حتى يقودهم إلى سيادة العالم– على حد زعمهم – وهي في نفس الوقت ذات طبيعة تجعل كل من يريد ملكا ومالاً يطمع فيها. وهذه إطلالة على مكان ومكانة ومسمى المدينة المقدسة.

فتاة مقدسية أمام قبة الصخرة وتحت سماء ماطرة بالقدس الشريف

تقع القدس على خط عرض 31.52 درجة شمالاً، وعلى خط طول 35.13 درجة شرق غرينتش، وتقع على هضبة ممتدة جنوب السلسلة الجبلية الفلسطينية على ارتفاع 750 مترًا فوق سطح البحر المتوسط وتبعد عنه 33 ميلاً، وعلى ارتفاع 1150 مترًا فوق سطح البحر الميت وتبعد عنه 15 ميلاً، وتنحصر المدينة بين تلين مستطيلين يسيران متوازيين من الشمال إلى الجنوب وسط هضبة اليهودية الوسطى، ولها أربع قمم أولها في الشمال الغربي وتسمة قمة أكرا وارتفاعها 790م، والغربية صهيون 777م، وفي الشرق قمة سوريا 744م أما في الشمال الشرقي فتقع صخرة بزيتا، وهي استمرار للتل الشرقي نحول الشمال.

كنيسة القديسة مريم المجدلية في القدس بفلسطين

وأثر هذا الموقع على مناخ مدينة القدس حيث يكثر المطر في أكتوبر وحتى مايو، ويندر بين سبتمبر ويونيو، ومتوسطه السنوي 25.5 بوصة، وبالقدس 18 مرصدًا لتسجيل الأمطار، وكثيرًا ما يتساقط الجليد من ديسمبر حتى مارس، ويندر في أبريل، ويتكون بكثرة في يناير ليلاً، لكنه يذوب نهارًا، والمدى الحراري من 25 ـ 102ف، ومتوسط درجة الحرارة في يوليو (الصيف) 77 ف وفي يناير 43 ف، ومدى الرطوبة الجوية كبير وفي الربيع والخريف تهب رياح السيردكو، التي تنفذ للمدينة المقدسة من الفتحة الجنوبية الشرقية آتية من صحراء موآب في الجنوب، وتسود الرياح الشمالية الغربية الجافة. لكن نسيم البحر يجلب معه الرطوبة إليها.
وقدرت مساحة المدينة سنة 1945 بحوالي 19 كيلو مترًا مربعًا، وكان العرب من مسلمين ومسيحيين يمتلكون منها قبل ـ 1948م ـ 88.5% من المساحة الكلية للمدينة، واليهود 11.5% فقط من القدس القديمة، وفي المدينة الجديدة كان للعرب 53.8% من المساحة ولليهود 26.1% وللحكومة الإنجليزية 2.9% ونسبة 17.1% طرق وميادين عامة وسكك حديدية.

لم تحظ مدينة من المدن ولا مصر من الأمصار في العالم كله بما حظيت به مدينة القدس من المكانة العالية في نفوس كل أجناس البشر، فهي مدينة جمعت آثارًا مقدسة منذ أربعة آلاف سنة، وهذه الآثار كان لكل جنس من الأجناس حكاية مع أثر أو أكثر منها.

وتنقسم لدى اليهود في مشاعرهم تجاه القدس إلى قسمين: الأول منهما يرى أنها مدينة عادية، بل ويمكن الاستغناء عنها بأخرى ومن هؤلاء زعيم الصهيونية نفسه تيودر هرتزل، حيث من الثابت أنه قبل اقتراح السياسي البريطاني الكبير (تشمبولين) في إعطاء اليهود وطنا قوميا في أوغنده بوسط إفريقيا، لولا أن غلاة الصهيونية ثاروا عليه، بل واعتدوا على مساعده (ماكس نوارداو) بالرصاص، واتهموا هرتزل نفسه بالخيانة لولا أنه تراجع تماما عن موقفه فتراجعوا هم أيضا.
الفريق الآخر هم الغلاة منهم وهم يرفعون دائمًا أصواتهم ويترنمون بنص من المزامير (مزمور 137/605) والذي يقول : (إن نسيتك يا أورشليم فلتشل يميني، وليلتصق لساني بحنكي إن لم أذكرك، إن لم أرفع أورشليم على قمة ابتهاجي).
ولكن ومع ذلك فإن الجانبين لا مانع لديهم نهائيا أن يعتدوا على المدينة المقدسة بل يعتبرون القتل والذبح والتدمير فيها تقربا إلى الله.


وأما أهم مقدسات اليهود في القدس فمن الثابت أنه ليس لليهود بالقدس سوى بعض البِيَعِ وهي حديثة البناء نسبيًا، وكذلك بعض القبور، حيث يرجع تاريخ بناء أول كنيس إلى القرن الثامن عشر الميلادي، وجميعها يقع في الحي اليهودي بالقدس القديمة، وهو الحي المعروف بحارة اليهود، ومنها، قدس الأقداس، و”طبرت إسرائيل”، و”توماتوراة”،و” بيت إيل” ، و”مدراش”،و “طابية”، و”مزغاب لاوخ”
ولليهود مقبرة خاصة بهم فيها أربعة قبور مميزة وهي : قبر النبي زكريا، وقبر يعقوب، وقبر أبشالوم، وقبر “يهوشافاط.”
أما بالنسبة لحائط المبكى الذي يقدسه اليهود، فالاعتقاد السائد الخارجي عندهم أنه البقية الباقية من سور أورشليم القديم، وأنه الحائط الخارجي للمعبد الذي رجمه هيردوس سنة 18قبل الميلاد  ودمر جانبًا منه الأمبراطور الروماني تيطُس سنة 70 ميلادية، وأتى على ما تبقى منه الأمبراطور الروماني هدرياتوس سنة 135 ميلادية، ومازال يقوم اليهود بزيارته وتقبيله وقراءة بعض النصوص التوراتية والتلمودية إلى جواره، وكذلك البكاء إزائه على مجدهم الضائع، وهو حائط بحارة المغاربة ممن إستوطنوا بالقدس، من جيوش وفيالق دولة الموحدين ..

وتشتمل تحتوي القدس حاليا على 1578 حديقة ومتنزه جماهيري، وهي مدينة تعرف رواجا سياحيا وتجاريا كبيرين، حيث يتم  جمع وطرح 1,100 طن من النفايات يوميا، كما تحتوي القدس على أكثر من 2,000 موقع أثري، وأكثر من 60 متحفا في أورشليم القدس، ويعمل بها  30,000 متطوع من مختلف الجنسيات ، كما تتوفر على أكثر من 70 مركزا ثقافيا يقوم بتعليم الفنون، الموسيقى، الشعر، الأدب والأبداع للشباب.

وفي المجال السياحي ، تتوفر القدس على 90 فندقا من مختلف النجوم، حيث تتضمن فنادقها في المجموع أكثر من 9,000 غرفة فندقية، ويُقام في القدس 30 مهرجانا سنويا، حيث يمثل حيز إسرائيل أكبر عدد من المهرجانات، كما تتواجد بالقدس   26 خمارة عبارة عن قبو لصناعة النبيذ المعروف عالميا، كما أن هنالك أكثر من 6,000 صنف من النباتات في الحديقة النباتية في  القدس، كما يصل طول الأسوار التي تحيط بالبلدة القديمة إلى 4 كيلومترات..

ويعتبر الأسد شعار بلدية القدس، وتتواجد  7 أبواب مفتوحة في البلدة القديمة في القدس، وتشكل  مركز الأعياد اليهودية الثلاثة: السوكوت (العُرُش)، الفصح وشفوعوت (الأسابيع او نزول التوراة) فعلى امتداد التاريخ اليهودي، رغب اليهود بأن يدفنوا في جبل الزيتون. حيث يقدر عدد القبور الموجودة هناك بنحو 150,000 قبر، يمتد تاريخها من القرن الخامس عشر حتى الآن.

وتؤكد مختلف البحوث التاريخية، أنه في أيام سيدنا إبراهيم، كانت  القدس تُسمى “شاليم”وهو إسم كلداني، وفي عهد النبي والملك سليمان قام بالإشراف على الهيكل الأول 3,300 شخص، بينما قام ببنائه 150,000 عامل ، كما دفن النبي والملك داوود في جبل صهيون.

ولقد ارتبط المسلمون بالقدس ارتباطًا وثيقًا وعقائديًا ظاهرًا، وذلك لما لها من المكانة في دينهم، ولحث النبي (صلى الله عليه وسلم) على الرباط فيها وتذكيره (صلى الله عليه وسلم) بفضائلها ومما جعل للقدس هذه المكانة في نفوس المسلمين عدة أمور منها أنها مدينة الإسراء والمعراج، وهذه الذكرى لها حب وارتباط عاطفي شديد في قلوب المسلمين، حيث كانت تسرية عن نبيهم (صلى الله عليه وسلم)، والثانية أنها فرض فيها عليهم ركن من أركان دينهم وهو الصلاة، ولذا فهي تمثل جزءًا من عقيدة المسلمين، و أنها أرض الأنبياء، والمسلمون يعتبرون أن ميراث كل الأنبياء هو ميراث لهم؛ لأن نبيهم هو النبي الخاتم، والإسلام حث المسلمين على أن يؤمنوا بهؤلاء الأنبياء السابقين لنبيهم، ولذا فكل مقدس عند أي ديانة أخرى أي خاص بنبي من الأنبياء هو مقدس كذلك عند المسلمين، كما كانت القدس قبلة المسلمين الأولى، والتي يتوجهون إليها وهم يعبدون ربهم.
ومن أشهر آثار المسلمين بالقدس المسجد الأقصى، و مسجد قبة الصخرة.، وحائط البراق، فضلا على أن كل أرض القدس  مقدسة عن المسلمين، وبالإضافة إلى أن كل آثار الأنبياء قبل النبي صلى الله عليه وسلم هي مقدسة عند المسلمين كما سبق ذكره.

وتذكر معاجم الكتاب المقدس أقدم اسم للمدينة في (نصوص الطهارة) المصرية الفرعونية في القرن التاسع عشر قبل المسيح ، كان (يورشاليم) أو (أورشاليم) وقد يظن البعض أن (أورشاليم) اسم عبري، أو اسم اختاره العبريون لمدينة القدس، لكن الحقيقة المؤكدة على خلاف هذا تماما، فـ أورشاليم اسم كنعاني : من لغة كنعانية، واختاره لها الكنعانيون، ودخل عليه بعض التحريف على لسان العبرانيين، فهو في الأصل (أورسالم)، أي مدينة سالم، أو مدينة إله السلام، ولكن تحول السين إلى شين على لسان العبريين.
وقد أوردت آثار الأمم القديمة المكتشفة هذا الاسم بصور مختلفة، فالأواني المكتشفة من عهد سنوسرت الثالث (القرن 19 ق.م) تسميها (أورشاليموم)، ورسائل تل العمارنة (القرن 14 ق.م) تنطقها (يوروساليم) وأما مخطوطات سنحاريب الآشورية فقد أوردت اسم القدس هكذا : (يوروسليمو).


وقد سبق اسم (يبوس) إلى الوجود كل الأسماء التي حملتها المدينة، حيث نسبها البناة الأوائل إلى أنفسهم.ومن الأسماء القديمة لـ (القدس)، وقد ورد لدى المؤرخ والرحالة اليوناني الشهير هيرودوت (484 ـ 425 ق.م) هكذا : (قديتس)، وللقدس في الكتابات التاريخية  أسماء عديدة حيث تسمى  : صهيون ، ومدينة داوود ، وأريئيل، وموريا، وإيلياء وتنطق إيليا، ونادرا إليا، أو بيت المقدس، ولكل اسم من أسماء قصة وحكاية فبسبب كثرة الغزاة على المدينة كثرت أسماؤها وتعددت ، فكان كل غازي يسميها باسم والجامع أو العامل المشترك بينهما هذه الأسماء أنها كلها مقدسة، حيث كان كل اسم  مقدسا عند من أطلقوها وذلك دليل على مكانتها.

 

 

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.