المختار كريوط : رحيل صحافي من العيار النبيل
محمد القـنـور :
الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر
تلقيت هذه الساعة، خبر وفاة زميلي الأستاذ المختار كريوط، الصحافي سابقا، بوكالة المغرب العربي للإنباء في باريس وفي مراكش، والذي ظل يشتغل حاليا بيومية Le Matin مما أحزنني وجعلني أنغمس في لجة من الأسى والذكريات.
وإذ أستعرض هذه الصورة التي كان قد إقتنصها الزميل المصور الصحافي، عباس الزين، لذات حديث كالعادة مع الفقيد والزميلة الصحافية بجريدة “ليكونوميست L’économiste ، وصور أخرى، فإني أتقدم لكل الزميلات والزملاء بأبلغ دواعي المواساة وأصدق التعازي،
فقد قال الله جل في عُلاه وهو خير القائلين : “إنّ الله عنده علمُ الساعة ويُنزلُ الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفسٌ ماذا تكسِبُ غدا وما تدري نفسٌ بأي أرض تموت، إنّ الله عليمٌ خبير”. صدق الله العظيم.
وعلى كل حالٍ، فقد عرفت الزميل الصحافي الألمعي ، الفقيد المختار كريوطـ ، رجلا ذكي العقل والقلب والروح، هادئا في حكمة، وصامتا في عطاء، يعمل أكثر مما يتكلم، بشوشا رفيعا وسيدا محترما، وكان يتلقاني باسما في عناق تلقائي يختزل كل القِيم الإنسانية التي تتدفق من قلبه، والتي لا تقل غزارة وتميزا عما كان يكتبه من مقالات وتحقيقات وإشارات وأعمدة بالعربية والفرنسية على مختلف المنابر الإعلامية الوطنية والدولية، حيث أثبت الفقيد العزيز المختار كريوطـ خلال كلّ المهمّات الصحافية والمحطات التواصلية والإعلامية التي اضطلع بها سواء على الصعيد المحلي والجهوي والوطني والدولي ، أنه كفاءة إعلامية عالية وحسّا إنسانيا مرهفا، ووطنيا صادقا وشخصيّة مميّزة هادئة في طباعها غزيرة في عطائها. كما ساهم من موقعه كصحافي في تعزيز حضور مراكش خصوصا، والمغرب عامة، وفي نشر إشعاعهما الحضاري والتاريخي والأكاديمي والفني والثقافي والرياضي على الساحة الدولية.
فقد سار المختار كريوطـ الذي يغيب عنّا اليوم، على خطى الرواد المؤسسين للإعلام المغربي في خدمة بلاده وأهلها مضيفا إليها في أغلب الأشكال “الإنسانية جمعاء” وذلكــ بكلّ ما حصّل من علوم في الإتصال ومن معرفة بالبيئات الثقافية والإجتماعية،ومن خلال ما راكم من تجارب في أليات التحرير وفنون الصحافة ، فكان قُدوة ونموذجا لكلّ من عاصروه ولجميع من عرفوه، مشعا في حضوره، ومَرِنا في تعامله، ومبدعا في مواقفه، دمثا في أخلاقه وطيبا في سلوكه، سخيّا من دون حدود، رائدا من دون تبجّح، وكأنه يرحمه الله قد جعل من التواضع مرادفا للعظمة، ومن الصمت والهدوء صنوان للعطاء والإيجابية.
وبقدر ما خلّفه فقدان المرحوم المختار كريوطـ من أسًى وحسرةً في نفسي وفي نفوس من إشتغلوا معه ، ومن عاشروه عن قرب،ومن جمعتهم به مهنة المتاعب وشجونها وقضاياها، فإن ذكراه ستبقى خالدة في قلبي وحتما في قلوب من كان بالأمس يصطف معهم حول قضايا الإعلام والفكر والثقافة والفن بكل مشاركة فعالة ومحبّة صافية وتضامن ومودة، وحياة كانت مليئة بالأعمال النبيلة وبالمهمّات الإعلامية، حتما ستبقى منارةً ونبراسا للأجيال الصّاعدة من الصحافيات والصحافيين .
فــرحمك الله أيها الزميل النبيل المختار كريوط رحمة واسعة وتقبّلك في فسيح جنّاته ورزقنا الله وكل عائلتكـ الفاضلة ومن هم من أرحامكـ وذوويكـ فيك جميل الصّبر والسّلوان، فــ”من المؤمنين رجالٌ صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا”،صدق الله العظيم.
وإنّا لله وإنّا إليه راجعون، والحمد لله أولاً وأخيراً.