كان لقاءا تلقائيا وجميلا مع الصديق الفنان الكاريكاتوريست سامي الديكـ

 مـحـمـد الـــقـــنــور :

عـــدسة : الفنان التشكيلي طه سبع :

منذ أن تعَرَّفت عليه ولأكثر من ثلاثين سنة، ظل صديقي الأستاذ طه سبع الفنان التشكيلي المتميز، و أحد معلمي الأجيال في مراكش، يعرف كيف يصنع أحلى ساعات الود وأطيب لحظات الاستجمام، ففي صباح جميل من صباحات مراكش التليدة، دعاني كعادته لفنجان قهوة، فكانت الدعوة، فاتحة يُمن وبركات، قبل أن نلتقي الفنان الكاريكاتوريست العراقي الأستاذ المحترم سامي الديكــ صديقا كبيرا وعزيزا ، أحسستُ كأني أعرفه لسنوات…
والواقع، وأنا أتحدث عن الفنان الكاريكاتوريست سامي الديكـ ،فإنني أتحدث عن رجل ذكي القلب، طيب النفس، حاضر البديهة، بشوش الوجه، كريم سمح، وتلقائي رفيع، يترك لدى من يلتقيه أجمل إنطباعات الحياة المنشرحة المنسابة والأوقات الهادفة الهادئة، والعواطف الجياشة والصادقة التي تستقر بداخلنا كهدايا وتوقيعات لبعضنا البعض ، ثم تكلل علاقات نابعة من صدق من القلوب الجميلة ، وطيب الأرواح النقية .

فقد ولد ودرس سامي الديكـ في بغداد بالعراق، ثم إنتقل إلى إيطاليا ليغرم بفنون النحت ومدارسه وتقنياته وعوالمه، وإيطاليا كما يعرف الجميع، هي بلد النحاتين، ووريثة ممفيس وبابل، وسليلة أثينا،ونابولي هي موطن النحت منذ عصر النهضة، فقد كانت إيطاليا في طليعة البلدان في هذا الفن،ومركزًا رئيسيًا له، وخاصة في مدينة فلورنسا مع أوركانا Orkana الذي عاش في القرن الرابع عشر، وناني دي بانكو Nanni di Banco ثم فيليبو برونيليتشي Filippo Brunelleschi وناني دي بارتولو Nanni di Bartolo ، ولورينزو غيبيرتي Lorenzo Ghibertiودوناتيلو Donatello ثم بيرناردو Bernardo Rossellino، في القرن الخامس عشر والشهير ميكائيل أنجيلو Michel angelo في القرن السادس عشر، نحاتا ورساما ومهندسا.

ولاشكــ أن هؤلاء النحاتين الكبار ساهموا في تطور النحت العالمي وأثروا في الفن والثقافة الإنسانية على مر العصور، ولاشكــ كذلكــ ، أن الصديق الفنان سامي الديك، قد وجد في إيطاليا من تنوع الفنون التشكيلية، وتعدد مشاربه أساليب كثيرة ومدارس كبيرة، غير أنه ما فتئ أن إنتقل للنمسا، ليدخل غمار فن الكاريكاتور، وليختار الشق الاجتماعي لا السياسي في هذا الصدد، إيمانا منه ، بأن التطرق لقضايا المجتمعات في الكاريكاتور، هي أكثر نجاعة وأخلد وأكثر بقاءً وتأثيراً من التطرق للسياسة والساسة، فالسياسة تغيرات وتحولات ومواقف وتصورات، أما المجتمعات فهَوِيات وثقافات ومشاعر جماعية ..
ثم أن الفنان الصديق سامي الديكـ ، برع في الكاريكاتور بالنمسا، ونبغ فيه ، وبصم من خلال أعماله الكثير من أوجه الثقافة في هذا البلد…

ولأن العالم صغير، والتاريخ أزقة ودروب تتداخلُ وتتخارجُ، فإني كنتُ قد تعرفتُ من خلال قراءاتي ولأزيد من عقدين على الرياضي المصارع عباس الديكــ يرحمه الله، جد الفنان الكاريكاتوريست سامي الديكـ، وكنت قد قرأتُ أنه من أوائل الرياضيين العرب ممن شاركوا في الألعاب الأولمبية الصيفية الحادية عشر لسنة 1936 والتي إنتظمت في برلين، وكان قد إفتتحها الزعيم النازي آنذاكـ أدولف هتلر، وشارك في أطوارها 3963 لاعبًا ولاعبة من ضمنهم 331 لاعبة، من 49 دولة، ممن تنافسوا على ميداليات في 129 مسابقة و19 لعبة، وكان النازيون قد روجوا لهذه الألعاب بقوة، وعلى مختلف الواجهات، من أجل تأكيد وإبراز تفوق العرق الآري، غير أن الفوهرر خرج غاضبا مكفهرا، عندما إنتصر الأمريكي الأسود جيسي أوينز على الألماني لوتس لونغ، وحصد أربع ميداليات ذهبية في مسافة 100 متر، ومسافة 200 متر، وفي القفز الطويل، ومسابقة رابعة لم أعد أتذكرها .

قد يعجبك ايضا مقالات الكاتب

أترك تعليقا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.