في أربعينية وفاته، المهدي بلالي رائد فلاحة مغربي، بعطر التضحيات وهموم التنمية
مـحـمــد الـقـنـور :
حلت قبل أيام الذكرى الأربعينية لوفاة الفقيد المهدي بلالي ، والد الدكتورة لطيفة بلالي ، الأستاذة الجامعية ورئيسة فرع مراكش للمنظمة العلوية لرعاية المكفوفين .
فقد كان الراحل الفقيد أحد أشهر مصممي الحياة الفلاحية ومن الرواد الأوائل الذين طبعوا هذا المسار المهني بالكثير من التميز والإحترافية، ونكران الذات، ويجمع معظم من عاشر الفقيد المهدي بلالي يرحمه الله ، أو اشتغل معه ، أو تعامل معه ، في كونه كان أحد أبرز الرواد الذين أدخلوا التكنولوجيا الحديثة على المشهد الفلاحي ، والمتعلقة بإستعمال ونشر وصيانة آليات ضخ المياه، والجرارات والحاصدات وتهيئة القنوات المتعلقة بالري المحوري والعمودي وأليات معالجة المزروعات والأغراس عن طريق إستعمال المبيدات والتقنيات المتعلقة بالتسميد والزراعة، بالإضافة إلى توفير الماء والكهرباء بكل الضيعات الفلاحية التي كان يديرها ، منذ زمن الأربعينيات الذي كانت فيه الكهرباء شبه معدومة داخل بعض المناطق الحضرية، وبالأحرى الضيعات الفلاحية والمناطق النائية، كما كان الفقيد المهدي بلالي من المشهود لهم بالأثر الفعلي على مختلف مقتضيات الإصلاح الزراعي والمشهود لهم بالكفاءة والجدية والتضحية والإحترافية وبعد النظر والالتزام بخدمة ساكنة الضيعات وصغار وكبار الفلاحين على حد سواء .
ومهما يكن ، فبوفاة الفقيد المهدي بلالي في الخميس 13 أبريل المنصرم 2017 الموافق لــ 16 رجب 1438 يكون المشهد الزراعي والثقافة الفلاحية والتنمية القروية ، فقدت أحد أبرز صناعها، إذ كان عمل الفقيد منذ شبابه على إرساء معالم الفلاحة العصرية ، وخدمة الأوساط القروية ، و تحسين مردودية الري وجودة الإنتاج الزراعي ، حيث إستفادت من تجربة الفقيد المهدي بلالي التقنية ومنذ بدايات الأربعينيات مختلف الأوساط الأكاديمية ودوائر الخبراء الفلاحيين وساكنة الضيعات ممن طبع الفقيد حياتهم .
وقد ساهمت تجارب الفقيد المهدي بلالي، في تطوير الزراعة وتحديث ميكانيكا المعدات الفلاحية وعصرنة المشهد الفلاحي ، وتأهيل معظم الضيعات الفلاحية الكبيرة، المحيطة بمدينة مراكش، والرفع من مردودياتها في إنتاج الفواكه والحبوب، والأعلاف وفي تطوير آليات الري،وتدبير المياه، ومعالجة التربة، مما مكن منتوجاتها في أن تغطي حاجيات السوق الداخلية، بل وتصدر للخارج، وهو ماكان له جليل الأثر على السكان القرويين وعلى الفلاحين من خلال نسج علاقات إجتماعية وحميمية، يسودها التكافل، ويطبعها التضامن ، وسمو المواطنة .
ورغم أن السيارة خلال فترة الأربعينيات ، كانت عنوانا للبذخ ، ومظهرا من مظاهر الثراء، لدى مالكيها وفي عيون الناس ، فقد عمد آنذاكـ ، المهدي بلالي يرحمه الله، بتحويل سيارته الشخصية إلى سيارة إسعاف تحمل المرضى من المعوزين والنساء الحوامل بالدواوير النائية، وضحايا لسعات العقارب ولدغات الثعابين، والكلاب المسعورة، وضحايا الحوادث المختلفة، نحو مستوصفات العلاج ومستشفيات مراكش ، فطالما شارك بسيارته في تعميم مناكب الفرحة، وتقريب الناس في الأعراس وحفلات الختان، فكان ينشر الفرح بين الناس كما الأراضي ، وكان بذلكـ مثالا طيلة حياته المهنية لمختلف مسالكـ لحظات العطف وتعابير الحنان، وجميع المبادرات الإنمائية الوطنية التي طالما كانت تتحول على يديه إلى سبحة تنتظم حباتها ضمن روعة يتلوها الخير ، وإقناع يعقبه الإشباع ، تروم تحقيق المسرات والفرح لصغار المزارعين وساكنة القرى البعيدة والمعزولة في راحة وفي تلكـ العذوبة المفعمة بالتضامن بكل بشارات الحياة، مما مكنّه في أن يحظى بمحبة كافة ممارسي المجال الفلاحي ، ولدى كبار الفلاحين وصغارهم وأن يحظى بكل دواعي التقدير والإحترام ، ولتكلل حياة الفقيد المهدي بلالي وهو في ريعان شبابه بمصاهرة عائلة وطنية مناضلة هي عائلة المقاوم المعروف أحمد الهَدِيلِي،والذي لا يزال منزله بحي سيدي ميمون يشهد بم عرفه من محطات للصمود والكفاح الوطني والدفاع عن هوية المغرب والمغاربة ضد الإحتلال الفرنسي، والمساهمة في الكفاح الوطني حتى بزوغ فجر الاستقلال.
